في اليوم العالمي للغة الأم كيف نتمسك بلغتنا العربيّة؟!!
اعتاد العرب قديمًا أن يرسلوا أولادهم إلى البادية من أجل بناء أجسامهم بشكل سليم، ولتعلم الشجاعة واللغة العربية الفصحى، من سن الرضاعة إلى سن العاشرة أو الثالثة عشرة، أما حاليا، نعتمد في بلادنا العربية على إرسال أولادنا إلى المدارس العالمية؛ فبين الماضي والحاضر، اختلف تعلقنا بلغتنا الأم، وأسهم في ذلك سيطرة اللغة الإنجليزية على العالم، وتميز عالمنا بالثورة التكنولوجية التي طغت على كل مناحي حياتنا، وتزامنا مع اعتماد منظمة الأمم المتحدة «اليونسكو» يوم 21 فبراير، اليوم الدولي للغة الأم، وتحت شعار «نحو مستقبل مستدام بفضل التعليم متعدد اللغات»، «سيدتي نت» تستطلع آراء المجتمع والمتخصصين؛ لتعزيز الوعي بالتنوع اللغوي والثقافي وتعدد اللغات، مع أهمية المحافظة على اللغة الأم، بظل كثرة المدارس العالمية وجودتها في المملكة العربية السعودية.
اهتمام الأهل هو الفيصل في المسألة
تقول ندى حميد- 22 سنة- طالبة بجامعة عفت- قسم اللغة الإنجليزية: المشكلة لا تكمن في المدارس العالمية، المشكلة تكمن في مدارسنا؛ لذلك يلجأ الأهل إلى المدارس العالمية من أجل أن يمتلك الأطفال أساسًا جيدًا باللغة الإنجليزية؛ لأن مخرجات التعليم الحكومي تفتقد إلى هذا الشيء، وبالمقابل من يتخرج من مدرسة حكومية أو عالمية، يعاني من فقد: إما للغة الإنجليزية في الحالة الأولى، أو للغة العربية في الحالة الثانية، وترجع الموازنة بين اللغتين مهما كانت المدرسة التي تخرج فيها الطالب، إلى اهتمام الأهل بحصول أولادهم على التعليم الجيد.
تجربة واقعية
أما هند عبدالعال- 38 سنة- مهندسة ديكور، تقول: إن ابنتي في مدرسة عالمية، وتكمن مشكلتها في أن هناك مصطلحات لا تعرف معناها بالعربية، حتى باتت عندما تتحدث معنا بالمنزل، تلقائيًا تتحدث باللغة الإنجليزية، وذلك بالرغم من أنها بالمدرسة العالمية تحصل على دروس في اللغة العربية والنحو القواعد؛ بل وتحصل على منهاج مكثف، وأعتقد بأن السبب هو أن المدرسة العالمية تجري كل المحادثات فيها باللغة الإنجليزية مع المدرسات والصديقات؛ لذلك طغت الإنجليزية فيها.
البيئة المدرسية الجيدة، هي العامل المؤثر
أما سلمان الشهري- 37 سنة- محرر سيارات، يقول: اللغة العربية لا تنال إيجابيات مثلما نجد في اللغة الإنجليزية؛ فمثلاً لو نظرنا عن قرب للمدارس الحكومية والخاصة والعالمية، سنجد أن ارتفاع اهتمام المدرسة بالطلاب، يرفع من درجة محبة الطالب للغة المعتمدة في مدرسته، وهناك بعض المدارس العالمية تهتم أولاً بتعليم الطالب كيفية الاهتمام بنفسه، وآداب الحديث والتعامل والانضباط، ومن بعدها يتم تعليمه المناهج الدراسية واللغات، وهذه الطريقة تحبب الطلاب العرب في اللغة الإنجليزية المعتمدة في مدرستهم العالمية والتعلق بها، ومن زاوية مختلفة فإن اللغة الإنجليزية منتشرة لسهولة تعلمها، وهناك مراكز ومعاهد تعليمية متنوعة بكثرة؛ باعتبارها اللغة الأولى للتحدث عالميًا، وهناك أسباب إيجابية كثيرة اجتماعية تجعل الطلاب وغيرهم من العرب يميلون للغة الإنجليزية،
ومهما كانت صعوبة تعليم اللغة العربية، إلا أنها لو نالت الإيجابيات التعليمية التي تنالها اللغة الإنجليزية؛ لوجدنا إقبالاً كبيرًا لتعلمها أكثر من اللغة الإنجليزية.
تعزيز الانتماء للغة الأم
تقول عزيزة محمد علي الغامدي، ماجستير إدارة تربوية، تخصص لغة عربية، ومشرفة تربوية بمكتب تعليم شمال جدة للبنات: بحكم عملي مشرفة تربوية على المدارس العالمية، ومتخصصة في مجال اللغة العربية، ومن واقع الميدان التربوي، أقدم بعض المقترحات التي قد تسهم في تعزيز الانتماء للغتنا الأم العربية:
– الاهتمام بتدريس مقررات لغتي في جميع المراحل الدراسية للمدارس العالمية، والإشراف والمتابعة الجيدة للخطط الدراسية؛ حيث إن التوجه في هذا العام إلى تدريس جميع الوحدات الدراسية، مع التخفيف فقط في بعض المكونات، بخلاف الأعوام السابقة التي كانت تكتفي فقط بتدريس نصف الوحدات وإهمال البقية.
– المتابعة الجيدة والقياس لنواتج التعليم بإجراء اختبارات قصيرة من قبل المشرفين التربويين، بما يتناسب مع طبيعة مهارات اللغة العربية «الاستماع، التحدث، القراءة، الكتابة» على أن يكون ذلك القياس حقيقيًا وواقعيًا، ويتم من قبل المشرف المباشر.
– تعزيز الأنشطة الصفية واللاصفية التي تحفز على الاهتمام بلغتنا العربية الأم، والمتابعة الجيدة لها، وتكريم المتميزين.
– عقد دورات وحلقات تنشيطية من قبل المدارس وإدارات التعليم، موجهة للطلبة وأولياء الأمور لتعزيز الانتماء للغتنا العربية.
وأختتم قولي: بأن كل ما سبق، كان يختص بنطاق التعليم الموجه من قبل المدارس، أما إذا ما وسعنا دائرة الاهتمام؛ فلا بد أن تحرص حكوماتنا العربية، وخاصة بالمملكة العربية السعودية، على تعزيز الانتماء للعربية؛ فهي لغة الدين، ولغة الخطاب الأولى، ناهيك عن كونها لغة أهل الجنة.