قراءة تحليلية تونسية في منهجها النقدي… يمنى العيد توسمت الاتساق بين الفني والاجتماعي

قراءة تحليلية تونسية في منهجها النقدي… يمنى العيد.. توسمت الاتساق بين الفني والاجتماعي

قراءة تحليلية تونسية في منهجها النقدي… يمنى العيد.. توسمت الاتساق بين الفني والاجتماعي

بيروت «القدس العربي»: استاذة النقد الأدبي الحديث في الجامعة اللبنانية يمنى العيد، وصاحبة العديد من المؤلفات المسهبة، بحثاً واستنتاجاً في عالم النقد، كانت موضع تكريم عبر بحث متخصص في كتبها، أعده بعناية الناقد والأديب والأستاذ الجامعي التونسي رضا بن حميد. اصطفى بن حبيب لمهمة فأولاها عناية كبيرة، وخلص إلى بحث أدبي رفيع أعطى للمكرمة ما تستحق، وأشبع الحضور باختصار مفيد عن منهج النقد الحديث الذي غاصت به العيد.
آخر مؤلفات العيد «أرق الروح» وفيه سيرتها الذاتية، ولها في النقد الكثير منها: ممارسات في النقد الأدبي، الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان، في معرفة النص، الرواية العربية بين الواقع والأيديولوجيا وغيرها. المجلس الثقافي للبنان الجنوبي والعيد عضو نشيطة فيه احتفي بها وسط باقة من أهل النقد والفكر والأكاديميين، حيث تجلى رضا بن حميد في قراءة بعض مؤلفاتها، ومنها «الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان»، متوقفاً لدى كيفية مساءلة المكرمة للنصوص وبأسلوب النقد الحديث، إذ لم يعد النقد الكلاسيكي قادراً على تمثل النصوص. قدمت العيد منهجاً في سيرورة النقد الحديث، وحققت تراكماً في قراءة النصوص بحس إشكالي. ووصف بن حميد الناقدة العيد بأنها على وعي بخصوصية النص العربي والخطاب السردي بما هو بنية منغلقة ومنفتحة في آن.
بتوقفه عند مؤلفها «الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان» أكد على البعد الاجتماعي الذي توليه العيد عنايتها في نقدها الأدبي، وهذا ما يظهر في العديد من مؤلفاتها. فهي عملت على تجاوز الدراسات السابقة القائمة على التأريخ، ونحت منحى تأليفيا. وبما أن الظاهرة الأدبية بنظرها اجتماعية، ألحت على إبراز الظروف الاجتماعية وتأثيرها في إنتاج الأدب. وفي إبحارها في الأدب الرومنطيقي الذي انتقل إلى العجز، لأن الرومنطيقيين برأيها عجزوا عن رؤية التغيرات الاجتماعية، عواملها وعمقها. ليس هذا وحسب، بل اتجهت العيد إلى وصل أدب الرومنطيقية بالأبنية الفنية وكذلك تميزها من ضمن تلك الأبنية، بما يفضي إلى لون مخصوص من الكتابة. كما تتبعت خصائص التشكيل اللغوي، وأفادت من اللسانيات والنقد الاجتماعي. برأي بن حميد أن العيد توسمت التحول في انتقالها إلى النقد البنيوي، البحث عن نوع من اتساق بين ما هو فني، وما هو بنائي واجتماعي.
أسهمت العيد في مسيرتها النقدية بالنظر إلى النص الإبداعي من موقع جديد. المعرفة هاجسها. إذ أن المعرفة تعتبر قراءة منتجة للنصوص. هي قراءة في نُظمها ومادة تشكيلها. بن حميد سرد بعضاً من عادات صاحبة التكريم في قراءة النص ونقده، منها الإنصات إلى أسئلته، ومنهجه البنيوي. ومع ذلك تقول العيد «إن للنقد طابعه السريع…». يمنى العيد وضعت رؤية أعادت للنص سلطته، ووضعت الظاهرة الأدبية موضع اهتمام. والقراءة بنظرها دخول في النص، تصل داخله بخارجه للوقوف على صوت المجتمع والتاريخ. أما المنهج النقدي بنظرها، فهو مجموعة مفاهيم تستند إليها لمعرفة قول النص. كما تعلن حرصها على تقديم المفاتيح التي بها يكون الدخول إلى وعاء النص. هذه استنتاجات بن حميد من تتبعه الدؤوب لمسار المكرمة النقدي.
أما في مسألة المنهج الذي طرحته العيد مبكراً بحسب بن حميد، فهي رأت أنه في طور التشكل، لاسيما أنه عبارة عن مناهج تمت في مجتمعات مختلفة ونصوص مختلفة. وهنا طرح المحاضر السؤال: هل نتطلع إلى منهج جديد يتصل مع النص الأجنبي؟ أم نحن بحاجة لتراكم معرفي وتشجيع لتعريب مزيد من النصوص؟
وعرّج بن حميد إلى مؤلف العيد «ممارسات في النقد الأدبي»، وأثنى على موقف للكاتبة مفاده أن التنظير لا يكتشف وجوده الحقيقي سوى بالممارسة. والممارسة النصية هاجس لدى العيد. وخلص بن حميد إلى أن دراسته ليمنى العيد اقتصرت على بعض مؤلفاتها، وكانت بالنسبة له لحظات معرفية.
زهرة مرعي

m2pack.biz