قصة البطة السوداء
كانَ هناك بطّة كبيرة بيضاء جميلة، تعيشُ في مكانٍ ما بالقربِ من بحيرة كبيرة، كانت تتمنّى أن يكونَ لها فراخ صغار فهي وحيدة وحزينة، وبعد فترة وضعت البطة أربعَ بيضات، واعتنت بهم جيدًا، وبعد أيام بدأتْ تلاحظ أنَّ قشرة البيض تتشقّق، وخرج من كلِّ بيضة فرخٌ أبيض جميل، ولكن خرج من البيضة الأخيرة فرخٌ غريبُ اللون والشكل، كان فرخًا أسود، اندهشتْ الأم من هذا الطائر ذي الشكل الغريب، ولكنها لم تكترث لذلك، واعتبرت الطائر واحدًا من أبنائها، واعتنتْ به جيدًا.
طلبتْ البطات الصغار من البطة الأم أن يذهبوا للبحيرة ليعلبوا ويتعلموا العوم، وبالفعل أخذت البطة صغارها للبحيرة، وبدأ الفراخ باللعب بالماء، ثمّ علمتهم الأم العوم في البحيرة، وفرِحَ الصغار كثيرًا ولعبوا ومرحوا، لكنّ الطائر الغريب لم يكن فَرِحًا مثلهم؛ لأنَّه لم يستطع تعلُّم العوم مثل باقي الفراخ، وشعر بنفسه غريبًا عنهم، فقد بدأ الصغار يستهزؤون به ويسخرون منه، وأطلقوا عليه اسم البطة السوداء؛ لأنَّ لون ريشه كان أسود، وخرج الفرخ الصغير الغريب من البحيرة حزينًا، وابتعد عن البطة وفراخها، ولكنه لم يكن يعرف غيرهم، فجلس وحيدًا حزينًا، في هذه الأثناء مرتْ بطة أخرى ومعها فراخها، فجاء أحد هذه الفراخ للبطة الغريبة وقال لها: لماذا أنتِ حزينة أيُّتها البطة؟
ردّت البطة السوداء: أنا لا أستطيع العومَ والسباحة في البحيرة كما تفعل البطات الأخريات، أشعر بأني وحيدة وغريبة ولا أعلم ماذا أفعل؟ فقالت البطة الصغيرة: يمكنني أن أعلّمَك السباحة والعوم في البحيرة تَعالَيْ معنا، وحاولت البطة السوداء تعلُّم السباحة ولكنها لم تنجح، شكرت صديقتها البطة الصغيرة على مساعدتها لها، ولعبت البطتان بعيدًا عن البحيرة واستمتعتا بالوقت كثيرًا، ودعت البطة السوداء صديقتها وذهبت إلى مكان مرتفع قليلًا كانَّه تلَّة، وقفت عليها، شاهدت من بعيدَّ طائرًا آتيًا نحوها بسرعةٍ كبيرة وكأنَّه يريد افتراسها، أحسّت البطة بجناحَيْها تريد الطيران، وفعلًا طارت بعيدًا وقفت على غصن شجرةٍ مرتفعةٍ، أدركتْ البطة حينها أنها ليستْ من البط لأنَّ البط لا يطير.
شاهدت البطة السوداء على غصن الشجرة عشًّا فيه فراخ صغيرة، بدت وكأنَّها تشبههم كثيرًا، وعندما جاءت أم الفراخ، سألت البطة: من أنتِ؟ وما قصتكِ؟ أشعر أنكِ تشبهين صغاري، فقصّتِ البطة السوداء قصّتَها على الأم، فعطفت عليها الأم كثيرًا، وقررت ضمها إلى صغارها وتعليمها مبادئ الطيران، وعاشتْ البطة السوداء مع هذه الفراخ وأمّهم بسعادة. أما العبرة من هذه قصة فهي أنَّ لكلٍّ موهبتَه الخاصّة وشكله الخاصّ، الذي يجعله متفَرّدًا في الحياة.