قصة الحمامة المطوقة
في قديم الزمان، حدثت قصة الحمامة المطوقة، حيث كان يعيش غراب آمنًا مطمئنًا في وكره، وكانت الأيام تمرّ على الغراب بسكينةٍ وهدوء، وكان يمرح ويعيش بنعيم حتى جاء أحد الصيادين إلى منطقته فقال الغراب: يا إلهي، مالّذي أتى بهذا الصياد، لقد ظننتُ أنّني أعيش في أمان، لكن ربّما كان لهذا الصياد مهمة، سيقوم بها ثمّ يذهب، وقد كان الصياد يرمي شباك صيده على الأرض، وينثر الحب حولها كي تأتي الطيور إلى الشبكة، وكان الصياد يختبئ خلف الأشجار كي لا تراه الطيور، فقال الغراب في نفسه: يا له من صيادٍ ماكر وغادر.
في أثناء كلّ ذلك، مرّت حمامة مطوّقة، يلتف حول عنقها ما يُشبه الطوق، وكان مع الحمامة المطوقة الكثير من الحمام الذي كان يُرافقها في رحلة للبحث عن الرزق، فوجدت الحمامات الحبّ المنثور الذي نثره الصياد على الأرض، ففرحت الحمامات وهبطت لأكل الحب، وإذ بالشبكة تنغلق على جميع الحمامات بما فيها الحمامة المطوقة، فما كان من الغراب إلا أن أغمض عينية من هول المنظر وفظاعته، وفي الوقت نفسه فرح الصياد فرحًا كبيرًا بهذا الصيد الثمين، لكن الغراب تعجب من هذا المنظر المؤلم.
فجأة طلبت الحمامة المطوّقة من سرب الحمام أن يطيرَ دفعةً واحدة، وارتفعت الشبكة مع الحمامات، وما إن رأى الصياد هذا المنظر ركض باتجاه الشبكة علّه يستطيع إيقاف طيران الحمامات مع الشبكة، فقال الغراب ساخرًا: كم أنت مسكين أيها الصياد، لم تتم فرحتك بهذا الصيد، وتحمس الغراب كثيرًا كي يعرف مصير الحمامات التي طارت مع الشبكة، وما إن كانت ستنجو أم لا، وأخذ يراقب من بعيد، وأخذت الحمامة المطوقة تطلب من الحمامات أن تهبط على منطقة يوجد فيها الكثير من البيوت، وذلك كي تتوارى عن عيون الصياد ولا يستطيع الإمساك بها أبدًا.
هبط سرب الحمام في المكان المطلوب، وابتعد سرب الحمام عن ناظرَيْ الصياد، فأُصيبَ الصيّاد بالحزن الكبير وأخذَ يندب حظّه، أما الغراب فقد أُعجب بما فعله سرب الحمام، وشعر وكأنه يُشاهد فيلمًا رائعًا، أما الحمامات العالقة في شباك الصياد، فقد أتى إليها شخصٌ ما وأخذ يفك عقدة الشبكة، فقالت له الحمامة المطوقة: خلّص جميع الحمامات قبلي، وهذا ما حدث فعلًا، فتحررت جميع الحمامات من الشبكة، وفي قصة الحمامة المطوقة حكمة عظيمة جدًا وهي أنّ التعاون بين الجمامات أنقذها من أيدي الصياد، وجعلها تطير دفعة واحدة وتهرب منه وتنجو من الصيد.