قصة قصيرة: عاشق الوسادة
كان يمشي منهكا مثقلا بقدمين ثقيلتين كالحجارة من شدة التعب وعينان مسدولتان بستار النعاس لكن روحه تصارع التعب والنعاس وتطردهما ليسير هو يسابق الخطى حتى باب بيته، وأخذ يصارع الباب القوي حتى هزمه بعصر مفتاحه المعدني وأجبره على الاستسلام والخضوع ليفسح له الطريق مشرعا للولوج إلى مبتغاه
ثم وقف أمامه باب آخر اقل عناد واضعف مواجهه فأدار مقبضه بسرعة وولج بسلام لغرفة نومه وقد أنهكه الصراع والتعب بعد يوم طويل من العمل ووقعت عيناه على سريره الدافئ ووسادته الحميمة التي يتلهف شوقا لضمها ووضع رأسه على صدرها الحنون وهمس لها قائلا: ها أنا أتيت إليك ورمى بنفسه في أحضانها بشوق الحبيب العاشق وأسدل النعاس ستاره عليه لكنه فجأة قفز من السرير وهز رأسه بقوة ليطرد النعاس فتناثر من حوله وأشعل شموع اليقظة في روحه وعينية وأخذ يتلمس سطح سريره الناعم فالتقطت يده شيء ما قربه من عينيه ليراه بوضوح وإذ به بطاقة شخصية لرجل لا يعرفه كانت تحت غطاء سريره فوكز بيده الأخرى زوجته الغارقة في النوم ففزعت متكأه تطرد نعاس عينيها وتنظر له باستهجان ما بك؟
وهو غارق في صمته قذفها بالرد سريعا وأشهر في وجهها بطاقة الرجل الغريب فبدا عليها الارتباك وتراجعت للخلف فنظر لها نظرة حادة كالسيف ثم تناول وسادته وضمها لصدره بحنان كبير وهو يعتصر ألما أنساه تعبه الكبير ثم قال: هذا سريري وهذه وسادتي الغالية وأنا صاحب الوسادة وسيدها ولا أسمح لرجل غريب أن يضع رأسه عليها وصرخ صرخة مفزعة وأمسك الوسادة بكلتا يديه ووضعها على وجه زوجته ليرغمها على العودة إلى سباتها ثم عاد إليه تعبه ونعاسه فوضع الوسادة على السرير ووضع رأسه عليها ونام.