قصة نجاح جورج دي ميسترال مخترع الفلكرو

خرج جورج دي ميسترال في عام 1941 في رحلة صيد في جبال الالب بمرافقة كلبة الصغير، واثناء تجولهما بين النباتات التصقت في ثيابة وفي كلبة بعض من اشواك النباتات وعندما حاول ازالتها وجد صعوبة في فعل ذلك وهذا ما دعاة الي التفكير وقال في نفسة ما الذي يجعل هذة الاشواك الصغيرة تلتصق في الملابس بهذا الشكل؟. لم يهدأ لة بال واراد ان يعرف السبب، واثناء تفكيرةخطرت علي بالة فكرة وهي ان يقوم بجمع مجموعة من تلك الاشواك التي التصق بملابسة ويضعها تحت المجهر لتصبح اكبر بمئات المرات، وبالفعل بجمع الاشواك وعندما عاد من رحلتة وضعها تحت المجهر ووجد ان كل شوكة تحتوي علي المئات من الخطافات التي لا تري بالعين المجردة وهذة الخطفات كانت السبب وراء التصاق الاشواك في ملابسة وفي كلبة. لم يكتف جورج  بهذة النتيجة وراح يفكر فيما لو تمكن من اختراع شرائط قماشية مغطاة بخطافات دقيقة قادرة علي الالتصاق تماماً كما الاشواك التي علقت في ملابسة ليتم استخدامها في الصناعات المختلفة وبالاخص في صناعة الملابس والحقائب والاحذية.

الاصرار علي النجاح:

لم يكن جروج دي ميسترال يعرف كيف يمكن ان يصنع هذا الشريط ولكنة ظل يحاول ويحاول ومرت سنوات دون ان يتوصل لنتيجة. لم يتأثر جورج ولم تثبط عزيمتة علي الرغم من عدم ظهور اي مبشرات للنجاح وعدم تلقية للدعم ممن هم حولة. استمر جورج في محاولاتة واخيراً تمكن من صناعة شريطين من النايلون احدهما سطحة خشن ويحتوي علي المئات من الخطافات الدقيقة والاخر سطحة ناعم ويحتوي علي انسجة ناعمة جداً، وعندما حانت التجربة قام جورج بوضع الشريط الخشن علي الشريط الناعم وضغط عليهما برفق فوجد انهما قد التصقا بشدة وكأنهما شريط واحد، وحينما حاول فصلهما عن بعضهما البعض امسك بطرف كل شريط وسحبهما في اتجاهين متعاكسين فتفرقا بسهولة بالغة. بعد هذة التجربة الناجحة تأكد دي ميسترال بأنة نجح في بعد سنوات من المحاولة.
اقرأ ايضاً قصة نجاح مخترع الشريط اللاصق

الفليكرو واستخداماتة:

عندما اخترعت الدراجة اطلق عليها اسم دراجة وعندما اخترعت آلة الخياطة اطلق عليها اسم آلة الخياطة وهكذا الحال في بقية الاختراعات، ولكن هذا الاختراع الذي توصل لة جورج لم يكن لة اسم بل كان لة وصف طويل جداً (الاشرطة التي تحتوي علي خطافات وانسجة قابلة للالتصاق) وبالطبع لا يمكن الاعتماد علي هذا الوصف في عمليات التسويق والبيع، لذلك اطلق علية اسم “فليكرو” واصبحت هذة الاشرطة معروفة حتي يومنا هذا بإسم اشرطة الفليكرو، وعن استخداماتها فهي تستخدم بكميات هائلة في صناعة الملابس بأنواعها المختلفة وكذلك تستخدم في صناعة الحقائب والاحذية وغيرهم من الصناعات الاخري.

البداية في ورشة صغيرة:

كان جورج دي ميسترال شغوفاً بالعلم والاختراعات منذ الصغر، ، ففي الثانية عشر من عمرة اخترع طائرة لعبة وحصل علي براءة اختراع لها، وعمل في مهن كثيرة ما بين التعليم والترجمة حتي يتمكن من تغطية نفقات دراستة في كلية الهندسة التي قرر الالتحاق بها. تخرج جورج من الجامعة في عام 1930 وحصل علي فرصة عمل لدي احدي ورش الميكانيكا التابعة لإحدي الشركات الهندسية في سويسرا، وفي اوقات فراغة كان يعمل علي اختراع بعض الاشياء ولكنة لم يجني اي عوائد مادية من ورائها. كان من بين الاختراعات التي اخترعها جورج جهاز يعمل علي قياس درجات الرطوبة وهذا الاختراع لاقي اعجاب احد الاصدقاء القدامي لإسرة دي ميسترال وهو من رجال البنوك ويدعي “جوزيف جونية”. هذا الرجل اقنع جورج بترك عملة في الورشة الصغيرة التي يعمل بها ليعمل في مكان وبيئة افضل.
اقرأ ايضاً قصة نجاح لينو سابوتو (ملك الموزاريلا)

 العمل لدي ورشة اخري:

اقتنع جورج بكلام رجل المصارف وترك الورشة الصغيرة التي كان يعمل بها وذهب للعمل في احدي الورش التابعة لجوزيف جونية، هذة الورشة كانت مجهزة بكافة التجهيزات اللازمة او دعنا نقول مجهزة بكافة الادوات والمعدات التي يمكن ان يحتاج اليها جورج دي ميسترال ليخترغ ويبتكر. عمل جورج علي اختراع اشياء عديدة في الورشة الجديدة ومن بينها الاختراع الاهم في حياتة “الفلكرو” ولكنة عندما عرض فكرة انتاجة علي  جوزيف جونية ساورتة العديد من الشكوك ولكنة لم يشأ في تحطيم او اطفاء الشاب المتحمس، فاضطر الي تشجيعة علي الرغم من اعتقادة التام بأن الفكرة جنونية ولن تنجح.

استشار جورج خبراء صناعة النسيج في ليون الفرنسية وجميعهم ابدوا شكوكهم حول الفكرة وتخفوهم من فشلها، ولكن احدهم وهو البروفيسور “جوزيف ميريس” لم يوافقهم الرأي واعتقد بأن اختراع دي ميسترال من الاختراعات الهامة التي ستحدث طفرة في صناعات النسيج وغيرها من الصناعات، لذا قرر ان يعمل مع جورج دي ميسترال وبالفعل تمكنا من توفير مغزل صغير وبدءا العمل وفية تمكنا من انتاج شريطين من القطن احدهما يحتوي علي الخطافات الدقيقة والاخر يحتوي علي الانسجة الناعمة، التصق الشريطين بشكل جيد الا انهما كانا رقيقين وهذة نقطة سلبية في حق المنتج ولكن لا بأس فتلك كانت البداية وامامهم الوقت والامكانيات لتحسين المنتج وجودتة.

خيبة امل:

اراد جورج ان يحسن منتجة وينتج منة كميات ضخمة ولكي يتمكن من فعل ذلك فلابد وان يتفق مع احد اصحاب المغازل، لذا قرر ان يزور جميع اصحاب المغازل المتواجدين في سويسرا وكان عددهم احد عشر شخصاً، الجدير بالذكر ان جميعهم رفضوا فكرة انتاج هذة الشرائط لأنهم لا يعتقدون بأنها ذات فائدة وأن انتاجها سيكلفهم الوقت والجهد والمال دون تحقيق اي منافع. احد هؤلاء الرجال الغير مقتنعين بفكرة الشرائط القماشية اللاصقة وهو يدعي “جاكوب مولر” ابدي اهتمام ورغبة التعامل مع دي ميسترال علي انتاجها لعلها تكون مفيدة ويحققا بعض الارباح عن طريقها.

دعا مولر زوجتة لتجرب نموذج الفلكرو وراحت تلصقة وتفصلة لأكثر من مرة وحينها قالت هذة الفكرة جيدة وهذة الشرائط يمكن ان تكون مفيدة، هذة الكلمات اسعدت جرورج كثيراً لأنة لم يكن يسمع الا عبارت الانتقاد والتوبيخ كما انها حمست زوجها علي العمل علي العمل علي انتاج هذة الشرائط. عمل الرجل لمدة شهرين كاملين في محاولة منة لإنشاء مغزل خاص قادر علي انتاج هذة الشرائط بكميات كبيرة الا انة استسلم للفشل وتوقف عن العمل ولكنة ترك المعدات والالات وخبرتة الشخصية في مجال صناعة النسيج تحت إمرة دي ميسترال.

العمل وحيداً:

بعدما استسلم مولر للفشل وتوقف عن المحاولات قرر جورج ان يستمر في عملة ولم يتأثر بأقاويل وتصرفات الاخرين معة علي الرغم من العقبات الكثيرة التي يجب عليها ان يتخطاها ليتمكن من انتاج الفلكرو بكميات ضخمة، تمثلت العقبة الاولي في ان البوصة المربعة الواحدة من كل شريط “ناعم” يجب ان تحتوي علي 300 عروة، والمشكلة الثانية تمثلت في كيفية تثبيت هذة العري في مواضعها الصحيحة حيث انها كانت تتحرك وتخرج خارج النطاق التي من المفترض ان تكون علية، اما المشكلة الاصعب كانت تتمثل في كيفية صناعة الشريط الخشن الذي يحتوي علي الخطافات.

عمل جورج علي حل كل مشكلة بمفردها، فقام في بادئ الامر بالبحث والعمل حتي توصل الي طريقة تمكنة من صناعة العري الناعمة بالشكل المطلوب وكانت الطريقة المستخدمة هي تسخين خيوط النايلون علي درجة حرارة تقدر بحوالي 500 درجة مؤية قبل عزلها، وبعدما انتهي من مشكلة العري عمل علي حل المشكلة الثانية والتي كانت تتمثل في كيفية تثبيت العري بالشكل الصحيح علي الشريط القماشي، وظل يبحث عن غراء مناسب ليعتمد علية في عمليات التثبيت الا انة لم يجد لذا قرر ان يسافر الي المملكة المتحدة لمقابلة لعقد مقابلة مع مجموعة من الكميائيين الاكفاء وبالفعل تم التعاون وقاموا بعمل التجارب حتي توصلوا الي نوع مناسب من الغراء. بهذا لم تتبقي امامة سوي المشكلة التي يعتقد بأنها الاصعب والاهم الا وهي مشكلة تصنيع الشريط الخشن الذي يحتوي علي الخطافات.

فشل.. عزلة.. ناجح باهر:

كان جورج قادر علي صناعة الشريط الخشن بشكل يدوي الا انة لم يكن قادر علي صناعتة بالاعتماد علي الماكينات، وهذا بالطبع لن يكون مفيداً لأنها بحاجة الي صناعة كميات كبيرة منة. في هذة الاثناء كان رجل المصارف وصاحب الورشة “جونية” قد شعر باليأس والفشل لذا قرر التوقف عن دعم جورج مالياً وكان ذلك في العام 1955.

قرر جورج دي ميسترال ان يذهب الي الجبل وبالتحديد الي كوخ الصيد الخاص بأحد اصدقائة حيث ان هذا المكان يساعدة علي التفكير والراحة،  وظل في الكوخ لمدة تزيد عن العشرة ايام وخلال هذة المدة كان يفكر ويفكر حتي توصل الي فكرة، وهي تقوم علي اساس استغلال مقص الحلاقة ودمجة في الماكينة ليتم بعد ذلك انتاج الشرائط الخشنة المطلوبة. وحينها قرر ان يعود الي مولر ورحب بة وعملا لعدة اشهر حتي تمكنا من تطبيق فكرة المقص وعلما انهما علي وشك النجاح، قررا ان يقضيا عام كامل في بناء المغازل التي يمكنها انتاج شرائط الفلكرو بالاضافة الي تدريب مجموعة من عمال الانتاج، وبعد ذلك بدأت اعمال الانتاج والبيع وتطور العمل واصبحت شرائط الفلكرو تباع بكميات ضخمة ولازالت تستخدم حتي يومنا هذا في الصناعات المختلفة

m2pack.biz