قصة نجاح شركة ويرلبول_Whirlpool

في العاشر من شهر اكتوبر لعام 1886 ولد لويس ابتون في منطقة فريدونا التابعة لولاية نيويورك، بعد ذلك انتقلت العائلة الي ولاية ميشيجان وهناك ولد اخاة فريدريك وبالتحديد في اليوم العشرين من الشهر السادس لعام 1890، عاشا حياة عادية مثل بقية الاطفال في ذاك الزمان ومرت الايام بشكل عادي الي حدثت الحادثة التي غيرت مسار حياتهما وحياة العائلة بأكملها، فقد توفي والدهما في حادث سير اثناء سيرة علي احد الطرق في ولاية شيكاغو دون ان يترك لهم اي اموال او عقارات تساعدهم علي عيش حياة كريمة. اضطر الابن الاكبر لويس الذي كان يبلغ من العمر انذاك 17 عاماً ان يترك دراستة ليعمل وينفق علي اسرتة المكونة من والدتة واربعة اخوة من بينهم فريدريك البالغ من العمر 13 عاماً حينها. لم يتمكن لويس من جني الكثير من المال وهذا ما اضطرة الي اقتراض المال من الاخرين ولكنة بعد عام واحد تمكن من العودة الي الاكاديمية لاستكمال دراستة ونجح في ذلك وبعدما تخرج ذهب الي ولاية شيكاغو للعمل لدي احدي الشركات هناك.

اثناء عمل لويس بالشركة تعرف الي احد الزملاء واخذا يتحادثا بشأن العمل والمشاريع وروي هذا الزميل للويس بأنة يمتلك فكرة لإنشاء مصنع صغير بغرض تصنيع بعض المنتجات المبتكرة ولكنة يبحث عن شريك ليستثمر ويعمل معة، حينها (1908) كان لويس قد بلغ من العمر 22 عاماً تقريبا وكان قد ادخر مبلغ 500 دولار وقرر ان يستثمرها كلها مع زميلة في مشروعة الجديد. المؤسف ان المشروع لم ينجح وخسر الاثنين كل الاموال المستثمرة ولكن اراد الزميل ان يعوض لويس عن الخسارة التي لحقت بة لأنة من اقنعة بالاستثمار معة، وكان التعويض عبارة عن اعطاء لويس حق تصنيع احد المنتجات التي كان من المقرر ان ينتجها المصنع. الجدير بالذكر ان لويس لم يتذمر ولم يعترض ولم يختر احد المنتجات هباءً او بمحض الصدفة ولكنة تأني وقارن بين المنتجات المتاحة امامة وفي النهاية وقع اخيارة علي الغسالة اليدوية (غسالة ملابس تعمل عن طريق تدويرها باليد) لأنها كان علي يقين بأنة قادر علي تركيب موتور كهربائي وتحويلها من غسالة يدوية مرهقة لمن يستخدمها الي غسالة كهربائية مريحة وموفرة للجهد.

تصنيع اول غسالة كهربائية:

كان هناك عم للويس يدعي ايموري وهذا الرجل كان يمتلك ورشة خاصة بة ولة بعض الاخترعات والابتكارات الجديدة في زمانة، ورأي لويس انة من الجيد ان يذهب الية ويطلب مشورتة ويعرض علية فكرتة والتي كانت تتمثل في تركيب موتور كهربائي لنموذج الغسالة اليدوية التي يمتلكها، الجيد والمثير ان عمة اعجب بما توصل الية وقرر ان يعملة مع لويس علي تركيب الموتور وبعد فترة طويلة من التجارب نجحا في تحويل الغسالة اليدوية الي غسالة كهربائية، وفي الحاي عشر من شهر نوفمبر لعام 1911 قرر الشريكين تأسيس شركة صغيرة لإنتاج الغسالات الكهربائية في مبني صغير تابع للورشة التي يمتلكها العم واطلقا عليها اسم شركة غسالات ابتون او بالانجليزية Upton Machine Company. في تلك الاثناء لم يكن لويس قادراً علي ترك عملة في الشركة التي كان يعمل بها لأنها مصدر دخلة الوحيد ومنة كان ينفق علي شركتة الجديدة وفي تلك الاثناء ايضاً كان العمل في الشركة الجديدة اكثر جدية من اي وقت مضي وبكل تأكيد كان ذلك يتطلب تفرغ تام من لويس ولكنة لم يفعل ذلك وطلب من اخية فريدريك (21 عام) ان يذهب الي الشركة ويعمل بها لمساعدة عمة علي ان يعمل لويس معهما بعد الانتهاء من عملة وفي الاجازات التي يحصل عليها. الجدير بالذكر ان فريدريك ظل يعمل في الشركة لمدة 3 سنوات كاملة دون ان يتقاضي اي اجر ولكن بعد ذلك قرر الاخ والعم ان يمنحاة 234 سهم من اسهم الشركة كتعويض عن الفترة التي قضاة في العمل بدون اجر.

بيع الغسالة الكهربائية الجديدة:

بعدما نجح الشركاء الثلاثة في امتلاك نموذج من الغسالة الكهربائية وان لديهم القدرة علي الصناعة والانتاج وجدوا ان هذة المرحلة هي مرحلة البيع ولا بد لهم وان يجدوا مشترين لشراء الغسالات التي يمكنهم صنعها لتتدفق عليهم الارباح التي يمكن استغلالها في تطوير وزيادة الانتاج. اتي اول عرض وكان من شركة فيدرال الكتريك التي يعمل لديها لويس وكانت الطلبية المطلوبة هي 100 غسالة كهربائية وبالطبع هذة الكمية كانت هائلة بالنسبة لشركة صغيرة جداً وتنفيذها يحتاج الي موقع اوسع من الموقع الحالي بالاضافة الي اموال لشراء الخامات اللازمة لصناعة الغسالات.

توفير المتطلبات وتنفيذ الكمية:

طلبت شركة فيدرال الكتريك من شركة ابتون للغسالات ان تكون منضبطة بحيث تصنع المنتجات بدقة وتسلمها كاملةً في الوقت المحدد، وفي نفس الوقت كانت الشركة لا تمتلك العناصر التي تساعدها علي انتاج الطلبية المطلوبة، وهذا ما هددهم بخسرة الصفقة ولكن عمل الاخوان الي البحث عن اشخاص لتمويلهم وبدؤوا في عرض الامر علي من يعرفونهم من اصحاب رؤوس الاموال ولحسن الحظ وافق احد الاثرياء علي استثمار مبلغ 5000 دولار معهم وهذا المبلغ مكنهم من تأجير مكان اوسع كلفهم حوالي 60 دولار في الشهر الواحد كما مكنهم من شراء كافة احتياجاتهم من المواد الخام اللازمة للصناعة. الجدير بالذكر ان الممول كان صاحب مزرعة خيول ومواشي وكان الاخوان لويس وفريدريك يعملان لدية وهم صغار علي تنظيفها.

انتاج وبيع وربح واشياء اخري:

استقال لويس من عملة ليركز مع اخوة وعمة علي انتاج الكمية المطلوبة من الغسالات الكهربائية، وبالفعل تم العمل علي خير ما يرام وتمكنوا من انتاج الكمية المطلوبة وقاموا بتسليمها للشركة التي طلبتها وحصلت شركة ابتون الصغيرة علي المال في مقابل ذلك، ولكن لسوء الحظ اكتشفت الشركة التي قامت بالشراء عيب تصنيع في جميع الغسالات وابلغوا بة شركة ابتون واعترفت الشركة بهذا العيب وقرر لويس وشريكاة ان يتحملوا المسؤلية وحدهم وقاموا بسحب جميع الغسالات واصلحوا العيوب المتواجدة بها واعادوها مرة اخري الي الشركة دون ان يطلبوا منها اي اموال اضافية. رأت الشركة المشترية ان هذة امانة تحسد عليها شركة ابتون وان التعامل معها اكثر من ممتاز وعلية قرر القائمون عليها شراء 100 غسالة اضافية.

خسارة العميل الاوحد:

كانت شركة فيدرال الكتريك العميل الوحيد لدي شركة ابتون وظل التعامل المثمر بين الشركتين لمدة ثلاث سنوات ولكن الحال لم يدم اكثر ذلك حيث قررت شركة فيدرال الكتريك وقف التعامل مع شركة ابتون لرغبتها في تصنيع منتجاتها في مصانعها، وهذا بالطبع أدي الي توقف الانتاج لدي شركة ابتون وبناء علية هم مطالبون بتوفير عميل جديد او مجموعة من العملاء ليشتروا الغسالات التي يمكنهم صناعتها، ولكن الثلاثي وجد ان المنافسة اصبحت صعبة في هذة الصناعة واتخذوا قرار بتغيير النشاط وراحوا يبحثون عن استثمار جديد، واثناء بحثهم علموا ان مصنع الاسلحة المجاور لشركتهم متعثر ويرغب ملاكة في بيعة وحينها تشاور الثلاثي ووجدوا ان شراء المصنع وتشغيلة بشكل سليم قد يدر عليهم ارباح جيدة، وهذ ما دعاهم للتواصل مع الملاك والاتفاق علي شراء المصنع وبالفعل تم الاتفاق والذي نص علي تحمل لويس وفردريك والعم ايموري علي تحمل رهن بقيمة 25 الف دولار بالاضافة الي بيع اسهم من شركة ابتون الي ملاك مصنع الاسلحة بقيمة 25 الف دولار اخري.

تغيير اسم المنتج وتحسين جودتة:

كان المنتج الاساسي الذي يقدمة مصنع الاسلحة هو بندقية تسمي ستيرلنج، هذة البندقية كانت سبباً رئيسياً في تعثر المصنع وذلك لأنها لم تكن ذات جودة عالية وكانت تحمل سمعة سيئة بين المهتمين بالاسلحة. اجتمع الثلاثي واتفقوا علي عمل تحسينات علي المنتج بالاضافة الي تغيير اسمة لكي لا يؤثر علي المبيعات، كانت التعديلات الجديدة تتطلب اموال كثيرة ولم تكن الشركة تمتلك اي اموال في هذة الوقت بسبب شراء المصنع الجديد لذا وافق الثلاثي علي قبول مساهمين ليحصلوا منهم علي المال اللازم. ادت التعديلات الجديدة الي نمو مبيعات الشركة من البنادق بنسبة كبيرة ووصلت الارباح في هذا العام 1915 الي 62 الف دولار بالاضافة الي 18 الف دولار كأرباح من بيع الغسالات الكهربائية وهذة الارباح انقذت شركة ابتون من الافلاس بل وساعدت علي الاستمرار في اعمال التطوير والتحسين علي المنتجات الحالية كما ساعدت الشركة علي شراء حقوق انتاج بعض الاختراعات مثل انواع اخري من البنادق والعاب الاطفال وقطع غيار السيارات والسخانات الكهربائية وغيرهم.

عقد الصفقات الكبيرة:

في العام التالي 1916 جاء مشتري جديد لشرء كميات كبيرة من الغسالات الكهربائية التي تنتجها شركة ابتون والمشتري هذة المرة هو محلات Sears الشهيرة وقبلت الشركة العرض وتم الانتاج والبيع لمحلات Sears بشكل مستمر ومنتظم حتي عام 1920 والذي تقدمت فية محلات Sears بعرض جديد مفادة ان تقوم شركة ابتون بإنتاج غسالات كهربية بقيمة 15 الف دولار شريطة ان تطلق عليها اسم Allen وان تكون مقسمة الي طرازين احدهما رخيص نسبياً ليباع بسعر 54 دولار والاخر اغلي نسبياً ليباع بسعر 95 دولار. اعتبرت شركة ابتون ان العرض جيد ولا يمكن لها ان ترفضة ولكن في نفس الوقت وجدت ان الامكانيات المتاحة لديها لن تمكنها من انتاج الطلبية وتسليمها في الوقت المحدد، فالمصنع كان صغير ولن يتحمل انتاج الكميات المطلوبة من الغسالات وكان ولابد من الحصول علي مصنع اكبر للعمل منة لذا قام ممثلين الشركة بعرض هذة المشكلة علي المسؤلين في محلات Sears وحينها قررت هؤلاء المسؤلين ان يمنحوا شركة ابتون قرض بقيمة 87.500 دولار ليتمكنوا من استئجار مصنع اكبر بالاضافة الي تأمين الخامات ومستلزمات الانتاج وهذا ما حدث بالفعل.

الهبوط المفاجئ للأقتصاد الامريكي:

بعدما حصلت الشركة علي المصنع ودفعت المقابل المادي وبدأت في توفير مستلزمات الانتاج وقبل صناعة اول غسالة من الكميات المتفق عليها حدث مالم يخطر علي بال احد. اذ قامت محلات Sears بتخفيض الكمية المطلوبة من الغسالات بنسبة 65% وذلك بسبب التهدور المفاجي الذي حدث للأقتصاد الامريكي في هذة السنة، وهنا وجدت شركة ابتون نفسها في موقع لا تحسد علية، فالقرض قد تم انفاقة والكمية المطلوبة بعد التخفيض لن تكفي لسداد القرض ولن تكون هناك اي ارباح وحينها قرر المسؤلين في محلات Sears ان يستبدلوا قيمة القرض بأسهم في شركة ابتون وبالطبع لم يكن هناك خيار امام المسؤلين في ابتون الا الموافقة، ولكن وعلي الرغم من هذة الخطوة كانت من المفترض وان تكون ضارة لشركة ابتون الا انة حدث غير ذلك، فالعلاقة بين ابتون و Sears اصبحت اقوي من اي وقت مضي.

مضت الايام وبدأ الاقتصاد الامريكي في استعادة عافيتة مرة اخري وزاد الطلب علي السلع المختلفة مرة اخري ومن بينها الغسالات الكهربائية، وحينها قررت شركة ابتون ان لا تعتمد علي طلبيات محلات Sears فقط كما انها قررت انتاج منتجات تحمل علامتها التجارية وكانت تبيعها لعملاء مختلفين وفي عام 1925 تمكنت الشركة من تحقيق ارباح وصلت الي 43 الف دولار ولكن في العام التالي 1926 وصلت ارباح الشركة الي الضعف (86 الف دولار). في العالم التالي 1927 وجدت ابتون انة من الافضل ان تركز علي صناعة الغسالات فقط لذا اتخذ الثلاثي المتحكم في الادارة قرار ببيع المصنع المسؤول عن انتاج البنادق وتم البيع مقابل 25 الف دولار. بعد مرور 3 سنوات وبالتحديد في عام 1930 توفي العم ايموري وترك الشقيقين لويس وفريدريك ليكملا مسيرة النجاح.

تغيير اسم الشركة الي ويرلبول Whirlpool:

زادت مبيعات شركة ابتون وحينها قرر الاخوان ان تتوسع الشركة وهذة المرة تم التوسع عن طريق شراء شركة متخصصة في صناعة وانتاج الغسالات وبعد اندماج الشركة الجديدة زاد الانتاج كثيراً وكذلك المبيعات والارباح الا ان جاءت الحرب العالمية الثانية وعندما قررت الولايات المتحدة ان تشارك قررت العديد من المصانع الانتاجية تغيير انشطتها لإنتاج الاسلحة بغرض بيعها للجيش الامريكي، وكان شركة ابتون واحدة من تلك الشركات، ولكن بعد انتهاء الحرب عادت الشركة الي نشاطها الاصلي ولكن بمزيد من التطور، فأنتجب اول موديل من الغسالات الاتوماتيكية لها والذي حمل اسم ويرلبول Whirlpool (الدوامة) كما طرحت الشركة في عام 1947 اول مايكرويف وكان سعرة يترواح ما بين الفين الي ثلاثة الاف دولار.

حققت علامة Whirlpool الكثير من النجاحات في ذلك الوقت واتسعت اكثر لتشمل العديد من المنتجات الاخري مثل المكواة والة العصر والمجفف وكذلك الثلاجة وغيرهم من المنتجات، ولشدة نجاح العلامة التجارية قررت الشركة تتخذها كإسم لها واصبحت شركة ويرلبول Whirlpool وكان ذلك في عام 1950. قبل هذا القرار بعام واحد اي في عام 1949 اتخذ الاخ الاكبر لويس قرار بالتقاعد وتنحي عن منصب الرئيس لصالح اخوة فريدريك.

استمرار نجاح شركة ويرلبول Whirlpool:

شهدت الشركة الكثير من النجاح والنمو علي مدار السنوات ولا زالت قائمة حتي يومنا هذا وبلغت عوائدها عن العام المنصرم حوالي 20 مليار دولار وبصافي ارباح وصل الي 650 مليون دولار. يذكر ان لويس ابتون كان قد توفي عن عمر ناهز الـ 65 عاماً وبالتحديد في التاسع من اكتوبر عام 1952 (قبل عيد مولدة بيوم واحد)، كما توفي فريدريك ابتون عن عمر ناهز الـ 95 عاماً وبالتحديد في اليوم الحادي عشر من شهر يونيو لعام 1986

m2pack.biz