في بلدة مونتيلبري التابعة لمقاطعة باليرمو الايطالية كان هناك شخص يدعي جيسبي سابوتو وهذا الرجل كان ماهراً في صناعة الجبن ولكنة توقف عن العمل مثل جميع الاوربيين حيث جاءت الحرب العالمية الثانية ودمرت كل شئ وعندما انتهت لم تكن هناك اى مصانع او معامل او مناطق صالحة للعيش بها لذا قرر هذا الرجل مغادرة اوروبا برفقة زوجتة ماريا وابنائة الثمانية وعقد العزم علي التوجة الي الولايات المتحدة الامريكية ولكن بعد دراستة لأمر الهجرة جيداً وجد ان كندا افضل بكثير من الولايات المتحدة حيث انها كانت اكثر اماناً وبها الكثير من فرص العمل كما انها كانت انسب للعائلات المهاجرة من اوروبا. الجدير بالذكر انة لم يتمكن من الهجرة مع كافة افراد عائلتة لعدم توافر المال لديهم وهذا ما اضطرة الي اصطحاب واحدة فقط من ابناءة ووقع اختيارة علي ابنة الاكبر فرانك وعندما وصلا الي مقاطعة كيبك التي يتحدث سكانها باللغة الفرنسية قررا ان يتوجها الي الجالية الايطالية المتواجدة في مونتيريال (اكبر مدن مقاطعة كيبك) لتساعدهما علي ايجاد عمل يمكنهما من جمع المال، وبالفعل تمكنا من ايجاد عمل بسيط وجمعا القليل من المال وبعد عامين وبالتحديد في عام 1952 تمكنا من استقطاب باقي افراد العائلة (الزوجة والاخوة السبعة) ومن ان اجتمعت العائلة بالكامل الا واضطروا ليعملوا جميعاً في مهن مختلفة حتي يمكنوا من شراء الطعام.
مفاجأة الابن لأبية:
في العام 1954 كانت الظروف المادية قد ساءت بالعائلة وقد تقدم العمر بجيسبي ولم يعد قادراً علي العمل كعامل فخبرتة ومهارتة كانت في مجال صناعة الجبن وكانت العائلة بالكامل تلاحظ ذلك وهنا قرر الولد الرابع من حيث الترتيب “لينو 19 عام” ان يفاجئ ابية وجميع افراد اسرتة، فقرر ان يعمل اكثر ويدخر المال دون ان يخبر احد وعندما تمكن من ادخار 500 دولار قرر ان يستأجر محل صغير في وسط مدينة مونتريال واطلق علية اسم “سابوتو” واشتري بعض الادوات التي تستخدم لصناعة الجبن كما اشتري دراجة ليتم الاعتماد عليها في عمليات التوزيع.
غضب ثم اقتناع:
بعدما اخبر لينو اباة عن المفاجأة التى حضرها لة لم يتمالك الاب نفسة وغضب علي ابنة غضباً كبيراً واعتبر ان ما قام بة تصرف غير عقلاني وكان من الاولي والافضل ان يأخذ رأية قبل الاقدام علي هذة الخطوة، ولكن حاول الابن ان يمتص غضب ابية وتناقش معة واقنعة بأنة قادر علي العمل في هذا المحل وانة افضل لة بكثير من الاستمرار كعامل. اقتنع الاب بكلام الابن ووافق علي ان يعمل هو وزوجتة ماريا علي صناعة جبن الموزاريلا في المحل الصغير علي ان يقوم لينو بتوزيع الانتاج بشكل يومي علي سكان المدينة. وبالفعل بدء العمل وكانت الطاقة الانتاجية اليومية للمحل تبلغ حوالي 10 كليو جرام من جبن الموزاريلا وكان التوزيع يسير علي افضل ما يرام.
حققت العائلة ارباحاً جيدة في اول ايام المشروع وبعد مرور 3 اشهر فقط من العمل تمكن الوالد وابنة لينو من شراء سيارة سيارة لإستخدامها في عمليات التوزيع بدلاً من الدراجة الهوائية حيث ان السيارة اسرع وقادرة عل حمل كميات اكبر من جبن الموزاريلا كما انها ستساعد لينو علي ادخار الكثير من الجهد. توالت الارباح بعد ذلك وكان حجم الطلب علي الجبن الذي يصنع في محل سابوتو كبير لذا اضطرت العائلة بعد 3 سنوات من افتتاح المحل الي استئجار محل بمساحة اوسع وقامت بشراء معدات للانتاج لتمكنهم من انتاج كميات اكبر من جبن الموزاريلا. هذا وكانت العائلة حريصة علي ان تدفع كافة الاموال الخاصة بالخامات والمعدات الايجارات بشكل نقدي بدلاً من التقسيط او الاستدانة.
انتشار البيتزا وزيادة الطلب علي جبن الموزاريلا:
في اواخر خمسينات القرن الماضي بدأت البيتزا تتحول من مجرد وجبة ايطالية شهيرة الي منتج ذو شهرة كبيرة في امريكا الشمالية واوروبا وفي ذلك الوقت اتجة عدد كبير من السكان في كندا الي افتتاح محلات لصناعة وبيع البيتزا وهذة المحلات كانت تحتاج بكل تأكيد الي جبن الموزاريلا بكميات كبيرة حيث انها تعد من المكونات الاساسية للبيتزا. ايضاً اتجة عدد كبير من السكان في كندا الي صناعة البيتزا في منازلهم وهم ايضاً كانوا بحاجة الي جبن الموزاريلا ليتمكنوا من صناعتها وهذا ما ادي الي احداث طفرة في حجم الطلب علي جبن الموزاريلا وبصفة عائلة سابوتو من ضمن صناع الموزاريلا فقد زاد الطلب كثيراً علي المنتج الذي يقدومة وهذا ما ساعدهم كثيراً علي زيادة ارباحهم والتوسع بمشروعهم، وخلال فترة الستينات زاد معدل الانتاج بمقدار كبير عن السابق وكانت منتجات سابوتو توزع في جميع مدن مقاطعة مونتريال وكذلك اونتاريو والتي تعد اكثر مقاطعات كندا اكتظاظاً بالسكان.
تنحي جيسبي عن الشركة:
بعد مرور 15 عام علي عمل جيسبي سابوتو في صناعة جبن الموزاريلا وادارة الشركة ادرك انة لم يعد قادر علي العمل بسبب كبر سنة وهذا ما دعاة الي ترك العمل بشكل نهائي وسلم الادارة لإبنة لينو “43 عام” واوصاة بوصيتين هامتين، اما الاولي فهي ان يحافظ دائماً علي جودة المنتج حتي لا يتأثر الطلب وتنهار الشركة، واما الاخري فهي ان يتوسع في حدود المتاح بمعني ان يتوسع بالاموال التي يحققها من ارباح الشركة وليس بالاستدانة او بمشاركة الغير.
لم يخيب لينو ظن والدة بة، فكانت لة رؤية ثاقبة وخبرة كبيرة اكتسبها طوال السنوات الماضية، ولما لا وهو من استطاع ان يدخر ويستأجر المحل الصغير ويوفر المعدات اللازمة وهو في التاسعة عشر فقط من العمر. اراد لينو ان يتوسع بالشركة خلال فترة السبعينات وتحويلها من شركة متخصصة في صناعة الجبن فقط الي شركة متخصصة في صناعة الالبان ومشتقاتها علي ان تظل جبن الموزاريلا هي المنتج الاساسي للشركة، ولكي يتمكن بيع منتجاتة الجديدة فقد ساعد اخاة الاصغر علي تأسيس شركة توزيع محلية لتقوم بتوزع منتجات الشركة في مختلف انحاء البلاد. وبعد مرور سنوات قليلة اصبحت شركة سابوتو المسؤول الاكبر عن انتاج جبن الموزاريلا في كندا حيث بلغت حصتها حوالي ثلث الانتاج المحلي.
عمل لينو بنصيحة والدة الخاصة بعنصر الجودة، فهو يقول “اذهب في كل صباح الي المصنع واتذوق الجبن وان لم يعجبني مذاقة اطلب من العمال ان يصنعوا غيرة”.
الدخول الي الاسواق العالمية:
في فترة الثمانينات قرر لينو ان يتوسع اكثر بشركتة، فقام بإفتتاح فروع جديدة في مختلف المقاطعات الكندية ثم دخل الي السوق الامريكي، وبعد ذلك قرر ان يشتري مزارع الابقار وشركات الالبان التي كانت تورد الية وذلك لتصبح لدية سلسلة مؤمنة بدء من البقرة التي تنتج اللبن وحتي عبوة الجبنة الموضوعة علي الرف في السوبر ماركت. في اوائل التسعينات قرر لينو ان يطرح 20% من الشركة في سوق الاسهم واستغل العوائد التي حصل عليها من في التوسع وشراء المزيد من المزارع والشركات وكان انتاجة يوزع بنسبة 76% في كندا و15% في الولايات المتحدة و9% في مختلف دول العالم. يذكر ان 40% من اجمالي الجبن الموزاريلا الموجود في الاسواق الكندية كانت من انتاج شركة سابوتو وهذا ما دعي الصحافة الي اطلاق لقب “ملك الموزاريلا” علي لينو.
ادخال منتجات جديدة:
بعد التوسع عن طريق دخول اسواق جديدة قرر لينو ان يتوسع بطريقة اخري وهي ان ينوع من المنتجات التي يقدمها، فبدلاً من ان يبيع الجبن والالبان فقط قرر ان يطرح منتجات جديدة في الاسواق مثل الكعك والكيك والفطائر الجاهزة وبعض المنتجات الاخري. في العام 2001 اصبحت شركة سابوتو اكبر شركة البان في كندا وخامس اكبر شركة علي مستوي امريكا الشمالية، وفي عام 2003 تم شراء اكبر شركة البان ومشتقاتها في الارجنتين لتنضم الي مجموعة سابوتو وبهذا تمكنت سابوتو من دخول السوق الامريكي الجنوبي.
تنحي لينو عن الشركة:
في عام 2004 كان لينو قد وصل الي سن الـ 66 وشعر انة لم يعد قادر علي ادارة الشركة وقرر ان يتنحي ويسلم الادارة لإبنة بعدما تولي زمام الامور لحوالي 35 عاماً، يذكر ان عام 2004 كان من اكثر الاعوام التي حققت فيها الشركة ارباح حيث وصلت مبيعاتها الي 3.57 مليار دولار. يذكر ان ثروة لينو حالياً تبلغ حوالي 4 مليارات بعدما كانت 500 دولار.