كسر الحلقة المفرغة للأزمة

 

كسر الحلقة المفرغة للأزمة

كسر الحلقة المفرغة للأزمة

 

ضبط الميزانيات ، تقليص المخاطر : أوروبا تواجه أزمة النقد والميدونية من خلال اتحاد مصرفي

بقلم فيليب بليكرت

خمس سنوات بعد انفجار الأزمة المالية في خريف 2008 ما زالت أوروبا غارقة في الصعوبات، وقد كانت الأزمة بهذه الصلابة والعمق، أيضا لأن مصاعب البنوك ومشاكل الدول مترابطة ببعضها البعض ومتلازمة إلى حد كبير، وقد تجلت ذروة الأزمة في الدوران ضمن حلقة مفرغة : بنوك خاسرة تحظى بمساعدة من الدول (المال العام)، مما أدى بدوره إلى زيادة ميدونية هذه البلدان التي تعصف بها الأزمة، قاد هذا الأمر إلى مزيد من التشكيك وزعزعة الثقة بأسواق المال، وإلى انهيار قيمة السندات الحكومية، الأمر الذي شكل بدوره أعباء إضافية على موازنات البنوك، وهكذا تعمقت الأزمة النقدية بشكل مستمر، إلى أن جاء ماريو دارغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي (ecb) وقطع الوعد في تموز / يوليو 2012 بالحفاظ على اليورو مهما كان الثمن، وهو ما ساهم بدوره في تهدئة الأسواق، إلفا أنه من الواضح أيضا أن برنامج شراء السندات سوق يساهم في القضاء فقط على بعض مظاهر وعناصر الأزمة، وليس جميعها.

اليوم يعترف السياسيون والمسؤولون عن المصارف المركزية أن عملية معالجة أزمة المصارف وتبعاتها قد أنهكت أوروبا السوق تشكك في المصارف، التي تضم سجلاتها الكثير من القروض الرديئة.

وإيطاليا (11,5%) ، بينما كانت النسبة الأقل في ألمانيا (3,2%)، العديد من “مصارف الأزمة” تكاد اليوم تكون غير قادرة على منح أية قروض جديدة.

إلا أن اوروبا أطلقت الآن مشروعا كبيرا للإصلاح والتطهير : “الاتحاد المصرفي” أو bankenunion.

حيث من المفترض أن يقوم هذا الاتحاد بدعم منطقة الوحدة النقدية – اليورو – في مواجهة الأزمة، “الوحدة النقدية تحتاج إلى وحدة مصرفية، وذلك ليس فقط لأن تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي يتطلب بالضرورة تكملة من خلال عملة قوية”.

حسبما يوضح مدير ecb إيف ميرش من لوكسمبورغ، يجب أن تقوم البنية النقدية الجديدة على ثلاث أسس : أولا هيئة مشتركة للرقابة على المصارف، ثانيا نظام تسوية موحد للمصارف غير القادرة على البقاء والاستمرار، ثالثا ضمانة أوروبية موحدة للودائع المصرفية، ويدور الحوار الساخن حاليا حول كل من هذه الأسس الثلاث، حيث توجد معارضة شديدة لمبدأ نظام الضمان الموحد للودائع المصرفية، أما الأساس الذي قطع خطوات كبيرة فهو مبدأ الرقابة على المصارف، وكذلك أيضا آلية المعالجة (آلية القرار) التي أقرها رؤساء الحكومات والدول، قبيل انتهاء العام، حيث يأمل السياسيون أن تقوم هيكلية الوحدة المصرفية بسد الفجوات وتدعيم نقاط الضعف في نظام الوحدة النقدية، وستكون الأولوية هنا لاستبيان الأعباء القديمة التي تنهكل القطاع النقدي ، المصادرف الضعيفة يجب أن تجري عملية إعادة تشكيل رأس المال (إعادة رسملة)، كما يجب معالجة المصارف التي لم يعد بالإمكان إنقاذها، وتتجلى الخطوة الأولى على هذا الصعيد في إجراء اختبار شامل لميزانيات 128 مصرفا كبيرا من قبل المصرف المركزي الأوروبي ecb، وهو الأمر الذي بدأ فعلا في تشرين الثاني / نوفمبر 2013 نائبة رئيس البوندسبانك (المصرف المركزي) الألماني، والمديرة المنتخبة لمصرف ecb، سابينة لاوتنشليغر تؤكد على أهمية اختبار الميزانية هذا : “بهذه الطريقة فقط يمكن استعادة الثقة وتدعيمها، ويمكن التخلص من التشكيك والتشاؤم العام السائد فيما يتعلق يالميزانيات الحديثة للمصارف”.

وتتألف الممارسة العملية من العديد من الخطوات : أولا يجب توضيح العناصر الأكثر خطورة في كل مصرف من المصارف، وقد يكون بعض من هذه العناصر على شكل قروض عقارية في إسبانيا، وفي ألمانيا تحيط الكثير من المخاطر والتساؤلات بالعديد من قروض السفن المدونة في سجلات بعض مصارف الولايات ولدى المصرف التجاري “كوميرتس بانك”، ثم تأتي مرحلة خبراء مصرف ecb ، الذين يقومون بتقييم قيمة هذه القروض الحقيقية، كما أن هيئة الرقابة المصرفية الأوروبية eba ستقوم في 2014 بإجراء اختبارات التحمل على هذه القروض ، حيث ستتم عملية محاكاة لآثار الأزمة الاقتصادية وخسائر المصارف، وخلال هذا الاختبار يجب على المصارف إظهار وإثبات مستوى عال من الملاءة والضمانات والأمان : نسبة رأسمال أساسي متين لا تقل عن 8%، وهذه النسبة تزيد قليلا عن النسبة المستقبلية التي أقرتها مجموعة العشرية الكبار في قواعد بازل 3، نتائج اختبارات الموازنات والتحمل سوف تظهر في تشرين الأول / أكتوبر 2014.

بالنسبة لبعض المؤسسات المالية، يمكن أن تبلغ الأمور مستوى حرجا، عندما تبرز الفجوات في رأس المال، سيتوجب على المصارف البحث عن رأس المال اللازم والحصول عليه من المستثمرين بشكل أساسي، وقد أقر وزراء مالية الاتحاد الأوروبي آليات لإنقاذ المصارف، “السلسلة التعاقبية” : في البداية يتوجب على المالكين والدائنين وأصحاب الودائع الكبيرة التي تزيد عن 100000 يورو التدخل، على شكل الدعم الداخلي “bail – in” من خلال المستثمرين والمودعين، بدلا من الدعم الخارجي “bail – in” من خلال دافعي الضرائب والدائنين، في المرحلة الثانية يتوجب على دول المصارف وبيوت المال الخاسرة والمنهارة التدخل لحمايتها، ميرش ، مدير ecb يؤكد على أن : “الاتحاد المصرفي ليس اتحاد لحركة رؤوس الأموال، عبر البوابة الخلفية، على كل واحد التعامل مع أعبائه السابقة ومعالجتها بنفسه” قواعد الدعم الداخلي bail – in  هي المفترض أن يتم تطبيقها في أزمات المصارف المستقبلية ، إلا أن هذه القواعد سيتم تطبيقها اعتبارا من 2016، أي بعد عام على انطلاق عملية الرقابة على المصارف.

تنتشر تخوفات في آروقة ecb مما يمكن أن يحدث، في حال كانت الوسائل الخاصة والحكومية غير كافية لإعادة تشكيل رأس مال المصارف، لهذا السبب يتطلع المصرف المركزي الأوروبي إلى وضع شبكة أمان “إسناد وقائي” حيث سيكون من الممكن طرح صندوق أزمات اليورو esm كمصدر إضافي للتمويل، ولكن هذا سيقود، وخاصة في ألمانيا، إلى إحياء المخاوف من تحويل أزمة المصارف إلى مسألة اجتماعية أوروبية، يدفع ثمنها المجتمع بأسره، تنقسم أوروبا حول هذه المسألة إلى معسكرين : في دول أوروبا الجنوبية المتأثرة بشكل كبير بالأزمة، مثل إسبانيا وإيطاليا، وحتى فرنسا إلى حد ما، يتمنى الكثيرون أن يتم تمويل عملية إعادة تشكيل رأس المال (إعادة رسملة) من صندوق أوروبي، مثل esm، إلا أن هذه الفكرة أثارت احتجاج الكثير من الاقتصاديين في ألمانيا، أحزاب برلين مازالت حتى الآن تغص عندما تتذكر أن حزب “البديل من أجل المانيا” المعادي لليورو كاد أن يدخل البوندستاغ بسبب تحقيقه نجاحا كبيرا نسبيا في الانتخابات الأخيرة عام 2013.

وفق قرارات رؤساء الحكومات والدول التي صدرت أواخر 2013 ، والتي نجحت ألمانيا من خلالها في فرض شروط ومتطلبات أساسية، كما قدمت تنازلات مهمة أيضا، فإنه سيتم الآن تدريجيا تعميم وتوحيد آليات التعامل الوطنية، حيث من المفترض أن يتضمن الصندوق بع عشر سنوات 55 مليار يورو، تساعد على تسديد أعباء إقفال المصارف المنهاردة، إلا أن كثيرا من الاقتصاديين يستمرون في تشاؤمهم فيما إذا كان هذا المبلغ كافيا في حال حدوث أزمة مصرفية كبيرة.

نائب المستشار زيغمار غابرييل

خلال أسابيع من المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة برز زيغمار غابرييل بالنسبة للكثيرين على أنه سياسي محنك ومفاوض متميز، رغم النتيجة السيئة التي حققها حزب spd في انتخابات البوندستاغ بقيادة المرشح الأول بير شتاينبروك، قاد غابرييل كرئيس للحزب مفاوضات ناجحة تمخضت عن ولادة الائتلاف الكبير، ابن الرابعة والخمسين يقود اعتبارا من الآن الوزارة الاتحادية للاقتصاد والطاقة، وسيتوجب عليه تحقيق التناغم والتوافق بين المصالح البيئية والصناعية، شغل في الائتلاف الكبير السابق منصب وزير البيئة الاتحادي، غابرييل من ولاية نيدرزاكسن، يقول نائب المستشار الجديد: “الموقف ليس له علاقة بالوضع الاجتماعي”، قبل خوضه غمار السياسة عمل غابرييل كمدرس في مجال تعليم البالغين، وهو متزوج للمرة الثانية، وقد اجتذب السياسي الشاب الأنظار عندما استفاد بعد ولادة ابنته من “إجازة الوالدين” التي تمنح لأحد الوالدين لدى ولادة مولود لهما.

 

 

m2pack.biz