كيف استطاعت روايات هاري بوتر أن تصبح ظاهرة عالمية؟

كيف استطاعت روايات هاري بوتر أن تصبح ظاهرة عالمية؟

كيف استطاعت روايات هاري بوتر أن تصبح ظاهرة عالمية؟

لقد ذكرنا في البداية أن دور النشر لم تقبل تلك الرواية، حتى قام مدير إحدى الدور بعرضها على ابنته الصغيرة التي حازت على إعجابها، وشغفت بها كثيرًا وحينها قررت دور النشر أن تقوم بنشر تلك الرواية التي لاقت إعجابًا كبيرًا من الكثير من الناس، كما أنه عندما يتم الإعلان عن كتاب جديد لهاري بوتر، أو فيلم جديد في دور العرض، فإنك ترى الحشود مصفوفة من السابعة صباحًا خوفًا من ضياع فرصة لمشاهدة الفيلم، أو لاقتناء الكتاب، ولم يقتصر رواجها فقط على بريطانيا والبلاد الغربية، بل قد ساعد على ذلك ترجمة الروايات إلى 69 لغة أخرى، مما ساعد على انتشارها وتعلق الكثير من البلدان بتلك الرواية وانتظارها بنفس الشغف الذي كان ينتظرها به أهل بلدها، لذا فقد استطاعت جوان أن تجعل من هاري بوتر ظاهرة عالمية، يتكلم عنها الكثير من الأجيال، الكبار والصغار.. وأن لا ينتهي أمرها في قلوب الصغار ما إن يكبروا، بل وتظل معهم لأنها تدرج أحداثها يحاكي أعمارهم.. ومن الرائع أن استطاعت الكاتبة البريطانية رولينج أن تزرع من خلال السحر أمورًا نلمسها في الواقع، خاصةً تلك التي نراها في الجزء الخامس من الرواية “هاري بوتر وجماعة العنقاء” حيث عبرت عن كثيرٍ من اللمحات السياسية.
كما أن جميع أجزاء الرواية تغرس قيمًا أخرى مثل الصداقة، والعائلة، والحب، والحق، والعدل، والتعاون، والمثابرة، وبالطبع الشجاعة، وغيرها من المثل الرائعة، كما أنها عبارة عن مزيج من الدراما، والتسلية، والرومانسية الخفيفة التي لا تصيب أحدًا بالجزع، والحب بكل أنواعه، من الصداقة والعائلة، وغيرها.. كما أنه من اللمحات الرائعة التي نجدها هنا هو قوة المرأة التي تظهر جليًا في تلك الرواية، فهيرميوني كانت مثالًا واضحًا لهذا الأمر، فكانت دائمًا ما تنقذ صديقيها من الكثير من المآزق، وأيضًا موت الكثير من الشخصيات الرئيسية جعل الرواية تبدو أكثر واقعية أو جعلت الأمور تسير على محمل الجد، كما أن مناسبة تلك الرواية لجميع الأعمار جعلها تصل أسرع، وأوسع لطبقة كبيرة من الناس.. ومن الذكاء الذي أراه فيها وهو كيف استطاعت رولينج أن تمهد للكثير من الثغرات، والكثير الكثير من الأحداث من خلال الرواية الأولى، كيف استطاعت أن ترسم الرواية كلها في مخيلتها كمشهد كامل منذ اللحظة الأولى، فتمهيدها للكثير منذ البداية يجعل من الصعب أن تتصور أن إلهامًا ما وقع في كل فصل من الرواية ليرسم لنا الأحداث، بل أن تلك الأحداث في مخيلتها أصلًا، بل ربما هو تاريخ حقيقي وهي فقط تكتفي بسرده، فدقة الأحداث والتواريخ، والأسماء، ورسم أبعاد لعالمٍ كامل من السحر ليس بالأمر السهل، بل هو عبقري ورائع! وأيضًا المضحك في تلك الرواية أنك لا تكره فعلًا أيًا من هؤلاء الأشرار، بل إن لكل شخصية، جمهورها، مهما بلغت من الشر، وكل شخص شاهد أو قرأ الرواية سيكون له رأي خاص به عن كل شخصية من الرواية، فهي ليست كأي عمل يقنعك فيه الكاتب أو الروائي أو المخرج بوجهة نظره، فتتوجه بالحب لهذا الشخص وإن كان وضيعًا، بل هي ترسم الأبعاد لكل شخصية، ولنا حرية الرأي، أعتقد أن الكثير من الحظ قد ناله من استطاع أن يقرأ الرواية لأول مرة، وينتظر الكتاب تلو الآخر، ومن استطاع أن يكبر مع الشخصيات، أو يشاهدها تكبر عامًا بعد العام، فأعمار شخصيات الرواية تتناسب مع أعمال ممثلين، فهذا الأمر أكسب القصة مصداقية، وروعة، بخلاف تلك القصص التي لا يتناسب فيها عمر الشخصية الحقيقي مع عمر الشخصية التي يمثلها، ربما قد اختلفت الأعمار اختلافًا طفيفًا، ولكن مشاهدتهم يكبرون أمامنا قد جعل هذا الاختلاف يتلاشى.. وتلك الظاهرة لم تنتشر فقط هكذا دون مسمى، بل إن من يعشقون هذه الرواية والأحداث والشخصيات قد أطلقوا على أنفسهم “البوترهيدز” ربما هم مثل أوتاكو الأنمي بطريقتهم الخاصة!

m2pack.biz