يغذي التعقيد المرتبط عالم الأعمال بالكمية المتزايدة من المعلومات، على نحو لم يسبق له مثيل، التي يتم ضخها إلى هذه العالم بطرق مختلفة.
قد تشعر بالتهديد، والخطر من هذه الكمية الهائلة من المعلومات، ويتوقع من مديري الأعمال في الوقت الحاضر أن يقرؤوا مليون كلمة في الأسبوع (فهل تستطيع توفير الوقت اللازم لقراءة هذه الكمية؟).
لقد بدأ عصر المعلومات بحاسب آلي واحد كان بحجم غرفة معيشة واحدة، واليوم تتوفر لنا حسوبات آلية أكثر قوة كالحاسبات المحمولة، والحاسوبات التي تناسب حجم الكف، أو حجم الإصبع،… سمها ما تشاء.
جميع تلك الآلات تنفث المعلومات نشعر بأنهاغير مفيدة، ويوافقني “بيتر دراكر” الرأي قائلا: “ألحقت الحاسوبات الآلية أذى كبيرا بالمديرين وجعلتهم أكثر تركيزا روحيا وعقليا، كما جعلت المديرين التنفيذيين منهم أكثر انبهارا في البيانات الداخلية التي ينتجها الحاسوب الآلي- وهذا ما تنتجه فعلا حتى الآن.
وبشكل عام، لم يعد لدى هؤلاء المديرين الوقت، أو العقل للاطلاع على العالم الخارجي، رغم أن النتائج لا تحقق إلا في العالم الخارجي. لقد وجدت أن معلومات المديرين التنفيذيين عن العالم الخارجي تتناقص يوما بعد يوم.
تأمل، وادرس الأرقام، ففي السنين الماضية لم تكن تحتاج سوى تذكر رقم هاتفك، وعنوانك، وفي الوقت الحاضر، عليك أن تتذكر شيفرة الإنذار ضد اللصوص، ورقم الضمان الاجتماعي، ورقم البريد الإليكتروني، ورقم جهاز الفكاس، ورقم بطاقة الهاتف، وأرقام الصرف الآلي السرية،.. الأرقام تزيد عن الكلمات.
إن الحيلة، والبراعة المطلوبة للتغلب على حالات فقد الذاكرة، تكمن في تخفيض حجم المعلومات التي يكتظ بها عقلك إذا ما أردت له أن يعمل بكفاءة وسرعة قصوى. وإليك فيما يلي تلميحات مفيدة تساعدك على عبور الضباب بخطى ثابتة بينما تواصل محاولة استكشاف ما يدور حولك من أحداث.
التحدي الأول يتمثل في الإقرار بمقدرتك على استيعاب كل شيء تعتقد أنك بحاجة إلى معرفة، وحالما تستطيع السيطرة والتغلب على هذه الصعوبة، تصبح الأمور أكثر سهولة، حيث تصبح قادرا على تحديد الأولويات، وتفويض من يؤديها، وعلى ترك البعض الآخر منها يتخذ مجراه الطبيعي (فلا ينبغي عليك الرد على كل شيء يصل إليك أو حتى قراءته)، وتعتبر فكرة الإلغاء الفعلي للمعلومات أمرا محضورا بحد ذاته لدي البعض، لكن ما يبدو وكأنه نوع من الرقابة يعتبر، في الواقع، دربا من دروب حفظ الذات.
وحالما تستطيع تحديد مضمون ما تريد، فإنك تستمتع بالطعم أكثر، كن قياسا فظ القلب حينما تشق طريقك عبر ما يواجهك من فوضى، واضطراب.
نظف المرافئ لتفسح المجال أمام المواد الهامة.
باشر عملك بقضاء ساعتين لتقرر موارد المعلومات والتستخبارات التي تراها هامة لك، ولعملك، والدوريات والرسائل الإخبارية التي يتعين عليك قراءتها، وقوائم التوزيع التي ينبغي أن يندرج اسمك فيها، ومواقع شبكات المعلومات العنكبوتية التي يجب وضع علامات إرشادية عليها، وأية جمعيات، أو نقابات لا بد لك أن تنتمي إليها.
بعد ذلك، اختصر ما قروته من المواد الأعلى جودة، واقرأها أولا، ثم ألغ أو تخلص مما هو هامشي منها.
وحينما تكون مسؤولا عن الاتصالات، كن مقتصدا في كل ما تكتبه، أو تنشره، أو تذيعه، أو ترسله مباشرة.
يفترض فيك أن تكون صانع قرارات، لا خبير معلومات.
دعنا نقل أنك بحاجة لمعرفة شئ ما، فإذا لم تستطع أنت، أو مساعدك، أو أمين سرك أن تعثر على الجواب الكامل خلال (15) دقيقة، أو أقل، من الأفضل لك أن تسأل باحثا محترفا ليؤدي لك تلك المهمة.
وإذا كنت راضيا، ومقتنعا بمساعدك، اجعله، أو اجعلها تختار، أو تضع إشارات على المواد التي تحتاج إلى رؤيتها في مجلات الأخبار، أو الصحف الدورية المتخصصة بالدراسات التي تتناول مجال عملك والتي تكتب قصصا، ومقالات مختصرة عنه، مما يساعدك في اختصار كل ما لا يلزمك، والتخلص منه.
خطوطا تحتها في المقالة، اطرحها جانبا، أو تخلص منها.
احفظ ملفا لديك ينطوي على عناوين مثل “مقالات تبدو ممتعة”، أو “مقالات أود قراءتها”، أو “مواد بريدية”، فهذا الملف ملائم للرحلات الجوية.
تحد أية ورقة كانت لتعرف السبب في عدم التخلص منها، فإذا صمدت أمام التحدي، اتخذ ما يلزم من إجراءات بشأنها، أو ضعها في حامل بعنوان “للتنفيذ”، أو أرسلها لشخص ما، أو احفظها في الملف.
اطلب ممن يعمل معك أن يحتوي أي تقرير يصل إليك على ملخص بفقرة، أو صفحة واحدة. وإن لم يكن كذلك، أعده مرة ثانية إلى من قدمة إليك. وفي آخر يوم من الأسبوع، أطلب ممن يعملون لديك مباشرة، تزويدك بأهم أحداث الأسبوع في صفحة واحدة، وبما تعنيه تلك الأحداث للعمل.
وقبل أن تتعرف على البريد الإلكتروني، ستتلقى مئات من الرسائل الإليكترونية يوميا من موظفيك، وأصدقائك وأقاربك، واتصالات الأعمال، وموردك، وعملائك.
قرر ما إذا كنت حقا ستفتح وتقرأ البريد الإليكتروني من خلال العناوين فقط، أم لا، ثم تصفح أسماء المرسلين، وعناوين الموضوعات، وأعط الأولوية للرسائل الواردة من مديرك، وعملائك.
ابحث عن المرشحات في بريدك الإليكتروني، فهي تساعدك على تحديد أولويات رسائلك من الشخصيات الهامة ثم افصلها عن مواد البريد الأخرى.
خفف الحمل الملقى على كاهلك في المقام الأول، فلا تضع عنوان بريدك الإليكتروني على بطاقة العمل، أعطه للناس الذين سيحتاجونه فقط.
افتح البريد الإليكتروني في مواعيد محددة فقط، كأن يكون ذلك عند بداية العمل، أو في نهاية اليوم، فالنقطة المهمة في الأمر أن المرسل لا يعرف متى سترى رسالته في البريد الإليكتروني، هذا إذا كنت قد اطلعت على ذلك البريد أصلا.
وإذا كان حاسوبك الآلي ينبهك بصفة متواصلة عن استلامه الرسائل الإليكترونية الواردة، وإذا كنت ترد على تلك الرسالة بصفة مستمرة، فإن التكاليف القليلة لتلك الإرساليات ستتضاعف.