كيف نتعلم2من اصل8
لذا فإن المعنيين اللذين سننتقل فيما بينهما سيكونان كالتالي: تذكر كيفية استخدام
أو فعل أو تطبيق أمر ما من دون الحاجة للاهتمام بتفاصيله وتذكر جميع التفاصيل من دون الحاجة لمعرفة ما تحمله كل منها. يشبه الأمر الأول قيادة فرقة
موسيقية تعزف السيمفونية الخامسة ل “بيتهوفن” نقلًا عن النوتة الموسيقية في حين يشبه الأمر الثاني قيادة الفرقة دون النقل عن النوتة الموسيقية. في كلتا
الحالتين تعلم قائد الأوركسترا المقطوعة الموسيقية ولكنه حفظها في الحالة الثانية فقط فيمكن للمرء أن يتعلم القيام بأمر ما وتذكر كيفية القيام به ومن دون
أن يضطر إلى حفظه.
هناك نقطة رئيسية أخرى لنضعها في اعتبارنا فيما يتعلق بكيفية استخدام كلمة ذاكرة وهي أنها تأتي بأشكال مختلفة: ذاكرة الكلمات (مثل الشعر) والأرقام (مثل
أرقام الهواتف أو الجداول الزمنية) والصور (مثل الوجوه واللوحات) والأصوات (مثل أصوات محركات السيارات أو النغمات) والحركات (مثل خطوات
الرقصات) والمصطلحات أو الأنظمة المؤسسية (مثل المخططات المؤسسية أو الجدول الدوري للعناصر) والخصائص الفردية (مثل ما يحفز مختلف الأشخاص)
والتفضيلات الشخصية (مثل الأمور التي أحبها والتي لا أحبها). يُطلق على هذه المجالات الثمانية اسم المواهب أو الذكاء المتعدد وستتم مناقشتها بمزيد من
التفصيل في الفصل التاسع والعشرين.
في هذا الفصل سنركز مبدئيًّا على آليات التعلم والذاكرة وسنتتبع الأمر عبر عرض توصيات الباحثين عن كيفية التعلم بأقصى كفاءة ممكنة ولضرورة عرض
الكثير من الاكتشافات بحثت عن مخطط مؤسسي ليساعدني على فهمها وعثرت عليه في أعمال أحد ألمع مفكري عصر النهضة “دسيدريوس إراسموس” من
“روتردام” والذي كتب في عام ١٥١٢ (باللغة اللاتينية!): “تعتمد الذاكرة المُثلى على ثلاثة أمور مهمة: الدراسة والنظام والاهتمام”. وأعادت خبيرة الذاكرة “جوان
مينينجر” (١٩٨٤) تسمية هذه العناصر الثلاثة كالتالي: “التدرب والتخزين والعزم” ويمكنني إعادة صياغة اثنين منهما كالتالي: “وفِّر بعض الوقت للممارسة
والعثور على نمط يساعدك على الخروج بالمعنى الذي يناسبك واتخذ قرارًا بأنك ترغب بشدة في تذكر الأمر”.