1من اصل2
إن آثار ازدحام السجون واضحة لأي زائر ففي بعض سجون الولايات التي تجولت بها، يتم تسكين عدد يتراوح بين 100 إلى 250 سجينًا في أسرَّة من دورين مجاورة لبعضها البعض في صالة ألعاب رياضية بحجم ملعب كرة السلة. تفتقر هذه المهاجع الضخمة إلى الخصوصية وتكون هناك طوابير أيضًا لاستخدام المرحاض أو الهاتف وتكون هناك بالطبع الشجارات والنزاعات الحتمية التي تنشأ في ظل هذه الظروف.
عند دخولي أحد هذه المهاجع المُستخدَمة كبديل مؤقت، كان أول ما صدمني مستوى الضوضاء، بما في ذلك الصياح المستمر، وإلقاء ضباط الأمن الأوامر على السجناء أو ندائهم الأسماء بصوت عالٍ، وصوت مياه شطف المراحيض البالغ عددها عشرة أو اثني عشر مرحاضًا مثبتة بطول جدار واحد من جدران صالة الألعاب الرياضية يشير السجناء إلى أن الضوضاء لا تتوقف أبدًا، وهناك “دائماً شخص ما يتشاجر معك”. وتترك الأنوار مضاءة عادةً طوال الليل لأسباب أمنية على الأرجح ويخبرني السجناء بأنهم يواجهون صعوبات في النوم. هذا فضلًا عن أن الطعام يُقدَّم إليهم في مهاجعهم؛ ما أدى إلى ظهور الصراصير والفئران وتكون النتيجة انفجار الغضب، واندلاع المشاجرات، وتفاقم حالات الاعتداء على الآخرين.
إذا وضِع السجناء في زنزانات، حتى لو كانت مشتركة مع سجناء آخرين، فيمكنهم الهرب إلى الزنزانة وغلق الباب؛ ما يمنحهم راحة مؤقتة من الوحشية التي قد تشهدها ساحات التجمع والأفنية لكن السجين المُجبَر على العيش في مهجع مزدحم لا ينعم أبدًا بمثل هذه الراحة ويكون عدد السجناء أكبر بكثير مما يمكن لموظفي الأمن الإشراف عليه على نحو ملائم. عند دخولي إحدى المرات إلى مهجع صغير للغاية ومزدحم يضم اثني عشر رجلًا، ويجب على المرء الاستدارة فيه بالجانب لحشر نفسه بين الأسرَّة، أوضح لي أحد السجناء قائلاً: ” كان هذا المكان يحتوي في السابق على أربعة أسرَّة فقط. وكانت هناك مساحة فارغة بالأرضية، وكان بإمكان الحارس الذي يمرُّ بالمكان التحقق من المكان بأكمله أما الآن، ومع وجود اثني عشر سريرًا بدورين في المكان،