لا تكوني هذا النوع من الأمهات
تقول الأسطورة إن الأم المثالية يجب أن تبذل مجهودًا مضاعفًا مع أبنائها، وإن الأمومة ليست سهلة والأم دورها التضحية وخدمة أبنائها، ولا أدري من الذي اخترع مفهوم الأم المثالية المضحية التي تفني نفسها في خدمة أبنائها، وكأن الأم يجب أن تكون ملاكًا لا تغضب ولا تتذمر ولا تستمتع بوقتها.
حسنًا، فالأمومة ليسة سهلة بالفعل، ولكنها أيضًا ليست بالصعوبة التي زرعها المجتمع في رؤوسنا، فدائمًا هناك طرق تقليدية لإدارة حياتكِ تبذلين فيها مجهودًا مضاعفًا، وهناك أيضًا طرق ذكية توفر عليكِ وقتكِ ومجهودكِ وتصب في مصلحة أبنائكِ وأسرتكِ بالكامل.
حان الوقت لتغيير القناعات القديمة والبدء في ممارسة أمومتكِ دون الشعور بأنها عبء عليكِ، والاستمتاع بأوقاتكِ مع طفلكِ.
كيف تمارسين أمومتكِ دون الشعور بعبء المسئولية؟
تذكري دائمًا أن دورِك هو تربية أبنائكِ وليس خدمتهم، فعندما تعلِّمين طفلكِ الاعتماد على نفسه في سن صغيرة، مثل أن يتناول وجبته بنفسه، ويرتدي ملابسه دون مساعدة، ويرتب ألعابه ويضعها في أماكنها، وينظم غرفته، وهكذا، فإنكِ بذلك تنشئين طفلًا متطورًا ومسؤولًا، ذلك هو الطفل الذي سيكبر ليكون شخصًا مستقلًا يعتمد على نفسه ولا ينتظر مساعدة من أحد.
يولد الطفل ولديه الرغبة والشغف للتعلم واكتشاف العالم من حوله، ولكننا كثيرًا ما نفسد فطرته بخوفنا وقلقنا الزائد، ظنًّا منا أننا نحميه ونساعده، فعندما يحاول طفلكِ حمل كوب الماء، فتسرعين لأخذ الكوب منه خوفًا من أن ينسكب الماء على الأرض أو يقع منه الكوب فينكسر، فأنتِ توجهين له رسالة غير مباشرة بأنه غيرجدير بالثقة، وأن قدراته ضعيفة ومحدودة، ولا يمكن الاعتماد عليه في أمور الكبار المهمة.
ماذا أفعل، هل أترك صغيري يؤذي نفسه كي يتعلم ويتطور؟
قد يخطر هذا التساؤل على بالكِ، ولكن عليكِ أن تعلمي عزيزتي أن دوركِ هو توفير الأدوات والإمكانيات المناسبة لصغيركِ، وليس منعه من التجربة، فمثلًا إذا أراد طفلكِ أن يستخدم السكين الحادة لتقطيع وجبته، بدلًا من أن ترفضي طلبه لأنه قد يجرح يديه بالسكين، ثم تقدمينها له مقطعة جاهزة، يمكنكِ أن تشرحي له أن هذه السكين ليست مناسبة، وتقدمي له سكينًا صغيرة من البلاستيك الآمن للأطفال، وهكذا، ويمكنكِ اتباع النصائح التالية:
1. أعطي لطفلكِ بعض المهام المناسبة لسنه:
يجب أن يدرك طفلك منذ نعومة أظافره أن لكل فرد في الأسرة دور مهم وفعال، وأن دوره لا يقل أهمية عن دوركِ ودور أبيه، دون أن يشعر بأنه واجب مفروض عليه يجب أن يفعله رغمًا عنه، فطريقتكِ في توجيه الأمور له تلعب دورًا كبيرًا في ذلك، فهناك فرقًا كبيرًا بين أن تطلبي من طفلكِ تنظيف غرفته وترتيبها كعقاب له على فوضويته، فيفعل ذلك متضررًا، وبين أن يدرك بالفعل أهمية دوره في المنزل، وينظف غرفته لأنه يشعر بالمسؤولية ويريد فعل ذلك.
احرصي على توكيل مهمات مناسبة لسنه وتسهيل الأدوات المطلوبة لها، وتقسيم الخطوات اللازمة لإنجازها، حتى لا يشعر بالإحباط إذا لم يتمكن من أداء المهمة وإنجازها بنجاح.
2. اخلقي وقتًا لنفسك:
أعيدي ترتيب أولوياتكِ من جديد، واخلقي لنفسكِ وقتًا لممارسة طقوس تسعدكِ وتجدد نشاطكِ دون الشعور بالذنب، فالأطباق المتراكمة لن تجري وراءكِ إن تركتيها وجلستِ تشاهدين فيلمًا جديدًا مع زوجكِ، اتركي طفلكِ يقفز على الأريكة بجواركِ دون تأنيبه، بينما تقرئين كتابًا وتستمعين إلى أغنيتكِ المفضلة، تناولي القطعة الأخيرة من الكيك وتغلبي على الوساوس التي تقول لكِ إن ابنكِ أو زوجكِ أولى بها، دللي نفسك بنفسك ولا تنتظري ذلك من أحد، فأنتِ تستحقين أن تكوني سعيدة.
وأخيرًا، توقفي عن البحث عن المثالية لأنها غير موجودة على سطح هذا الكوكب، وتقبلي نفسكِ وتعلمي من أخطائكِ، وتعلمي الفرق بين العطاء والتضحية، وستنعمين بحياة أفضل وأكثر استقرارًا، ولن تبكي ليلًا على الوقت المهدور والفرص الضائعة.