لماذا كان هذا التونسي المهاجر يرافق الرئيس الفرنسي في طائرته؟
إذا مررت يوماً بباريس فيمكن لك أن تتذوّق رغيفاً أو قطعة مرطّبات من مخبز رضا خذر AU PARADIS DU GOURMAND، الموجودة بالدائرة الرابعة عشرة، فهو أحد أشهر مخابز باريس وسبق لصاحبها أن فاز عام 2013 بلقب «أفضل خبّاز» في مسابقة شارك فيها 152 خبازاً باريسيّاً لاختيار أفضلهم وأمهرهم في صنع «الباقات»، التي تعدّ رمزاً للرّغيف الفرنسي. وأن فوز هذا المهاجر التونسي بالجائزة الكبرى سمح له – وفق التقاليد المعمول بها- ليصبح الخبّاز الرسمي المزوّد للرئيس فرانسوا هولاند ولقصر الإليزيه مدة عام كامل بالخبز.
وقد اصطحب الرّئيس الفرنسي السّابق معه رضا خذر في الطّائرة التّي أقلّته إلى تونس بمناسبة الزيارة الرسميّة التّي أدّاها إلى هذا البلد.
كتاب
عن هذه التجربة وعن قصّة نجاحه كمهاجر تونسيّ في فرنسا، أصدر رضا خذر يوم الخميس28 ديسمبر 2017 كتاباً باللغة الفرنسيّة جاء في 22 محوراً عنوانه: («باغات» الجمهورية: المصير الاستثنائي لمهاجر أصبح الأكثر شعبيّة في باريس)، شاركته في تحريره الكاتبة نعيمة قزقاز وروى فيه مسيرته وفصولاً من حياته في تونس ونشأته في أسرة فلاحية متوسّطة الحال.
البدايات الصّعبة.
هاجر رضا وهو في الخامسة عشرة من عمره عندما أرسله والده عام1986 ليشتغل مع شقيقه الأكبر في المخبزة التي يملكها في باريس.
وجاء فرنسا مراهقاً لا يتقن تركيب جملة واحدة بلغة فرنسيّة سليمة. اشتغل وتحمّل العناء الأكبر، وهو يتذكّر تلك الأيّام قائلاً: «لم أحب فرنسا في بداية هجرتي إليها، فقد أحسست أنّ بردها لا يُطاق مقارنة بطقس تونس المشمس الدّافئ.
فضل والدته عليه
ورغم أنّ رضا يملك منذ سنوات مخبزته الخاصّة، والتّي تتوفّر بها كلّ الآلات العصريّة إلا أنّه حافظ على عادة أمّه الرّيفيّة في إعداد أقراص العجين بيديها، وتركها بعد أن تضيف إليها الخميرة24 ساعة قبل الدفع بها إلى الفرن، وهذا أحد أسرار رضا في إعداد خبز له نكهة ومذاق خاص.
وعمر رضا اليوم 45 عاماً ومتزوّج من فرنسيّة اسمها إيزابيل، وتعمل في مخبر بأحد المستشفيات الباريسية، وتساعد زوجها في عمله بالإشراف على الصندوق ولهما ابنة وحيدة «سارة» وعمرها عشرون عاما.
وكشف رضا الذي ازدهرت تجارته أنه بصدد دراسة إنجاز مشروع في مجال مهنته في البرازيل بشراكة مع اللاعب النجم الشهير في كرة القدم «رونالدو».
قلب رحيم
ورضا رجل ناشط يعمل ليل نهار، وهو على خلق ومتواضع وبقي متمسكاً بهويته العربية الإسلامية، ويعود بانتظام إلى تونس، ويساعد أخواته وإخوته الذين بقوا في تونس بعد وفاة والديه.
يقول: «أنا حريص على زيارة قبر أمّي وقراءة فاتحة الكتاب ترحّماً على روحها الطّاهرة».
وكلّ يوم عند ساعة إغلاق مخبزته، يحرص رضا على وضع سلّة أو اثنتين خارج المحل مملوءة بأرغفة من الخبز لفقراء الحي.