‘ليست الطريقُ واسعةٌ، فأضيِّقُها للطائرينَ ..’
‘أصابعُهُ تجوسُ في ظهري ..’
لم أَرتعب حقاً، بل غَرِقتُ في لغتِكِ وتَبَلْبَلَ لساني ..
درتُ ودرتُ، خارجَ الأبوابِ
وداخلي …
أو قل خِفتُ فعلاً، لدرجةِ أنَّ العابرَ ارتعشَ
وحاطتهُ الطيورُ ..
حَطَّ الوليُّ النورَ وهَزَّ الحَوْصَلَةَ، المليئةَ بالأنغامِ
وابتسمَ ….
أصابعُهُ تجوسُ في ظهري، وعلى الطريقِ
الخارجةِ من الكَفِّ، لتصطدمَ بالجَدَّاتِ
والزوابعِ، ويزدحمَ الراقصونَ
في العيونِ ….
ولماذا أنا يا سَيِّدَنَا ..؟
ما الذي خَبَّاهُ الربُ في عُلبتهِ،
لمَّا كان يتمشى في الصحراءِ
وشَمَّكَ تحلُمُ تحتَ ظِلٍّ،
فَأَسَرَّ لكَ ….؟
ستسقط سحابةٌ فيها وجهُ أبي،
وأنا أهرولُ تحتَ شرفتِكِ
المحترقةِ …
ستشيلُنِي دَوَّامةٌ،
وأنا أحمي عيني من العاصفةِ
بيدي، لمَّا تَمُرُّ على سجادةِ الساحرةِ ..
أو على العكس ..،
البهاءُ يَلُُفُّنِي في حفرتِهِ،
وعند حديقتي ..
في جيوبي الخَّوافَةِ،
والمخفيةِ ..
تَحُوطُني شهقَتُكِ
وتسنِدُ ذراعي،
كلما أنساها في المتاهةِ
لتدلَّّ عليَّ …
ليست الطريقُ واسعةٌ
فأضيِّقُها للطائرينَ
والذكرياتِ ..
سِبني أَشُمَّكَ،
من داخلِ أشباهي ..،
في العباءةِ
الطائرةِ بقلبِ الدولابِ ،
أو في النقوشِ المهتزةِ
في خطابِكِ
الأخيرِ ..
ستطيرُ بعيداً، أحجارُنَا منذُ اليومِ
كلما تَسمَّرتَ في الحقولِ ،
ونظرتَ للسماءِ ،
وأشحتَ بالصورةِ ،
وبقلبِكَ …
تتوهُ وتغفو ..
قربَ تقطيبةِ المشنوقِ ،
أو في
عتابِ
المحبينَ …..
‘واخمشي بالأظافرِ ..’
رغم أني أُلَوِّحُ لأعلى
إلا أنني فضَّلتُ استدراجَ الطينِ
ليقفلَ عيونَهُ
ويتركني أهبطُ
مطمئناً ..
شريطةَ أن أُحصي الهاربينَ
الذينَ يعيدونَ نحتَ ملامحهم
من تحتي .
أناهنا يا بنتُ ..
بُصِّي بينَ ساقَيْكِ
واخمشي بالأظافرِ ..
لا تدوسي بعَيْنيْكِ
وأبعدي ظِلَّكِ ..
قولي من نبضِ سريركِ
وبكائِهِ
وعن غبار الهجراتِ المارةِ
جنبَ الخنادقِ
والبحيراتِ
وعلى غرفتِكِ ..
قولي في كَفَّيْكِ
وأغلقي على ذَيْلي
لأنوحَ بصوتٍ قادرٍ ..
أنا هنا يا ربي ..
أَمُدُّ يدي حتى تتيبَّسَ
وتأخذها الحافلةُ
في طريقها ..
وأشُدُّ لساني
حتى يعودَ سلَّةً للتوتِ
وغَيْمةً فوقَ السفينةِ ..
أَلهثُ بإخلاصٍ وتَجَرُّدٍ
وأرمي بعظامي
قطعةً قطعةً
عَلَّني أَكُفُّ بصري
عن السحابةِ التي تركبها
والخيولِ التي تشيلُ ذكرياتِكَ
والتي تروحُ تُشْبِهُ الشهقةَ
التي تحرقني
منذُ
الأمسِ
البعيدِ ..