ليس بالضرورة نقيض النجاح: تشريح سريع للفشل
كتب هذا المقال المدون الكويتي محمد المنيخ، ونُشر على موقع «Medium»، وترجمته ل«منشور» أمنية محمد إسماعيل.
هل الفشل نقيض النجاح؟ أم إن الفشل محطة في الطريق نحو النجاح؟ لماذا نتألم من الفشل إذًا؟ هل لأن الأمور آلت إلى عكس توقعاتنا وآمالنا، أو حتى إرادتنا؟ هل فشلُنا سبب مقنع للتوقف عن المحاولة، أم ضروري لإدراك حقيقة أن محاولاتنا الأولية لم تكن كافية وبحاجة إلى تطوير؟
توقعاتنا عن المستقبل هي السبب وراء خيبات الأمل، وبخاصة عندما لا تتحقق هذه التوقعات. لو لم نشاهد بأعيننا ما خططنا له أو شعرنا به أو عشناه، لحكمنا على أنفسنا بالفشل.
إذًا، يمكننا القول إن التطلعات والتوقعات هي التي تدفع إلى خيبة الأمل. لكن هل هذا صحيح؟ هل يمكننا العمل دون تطلعات وتوقعات؟ هل نشعر بخيبة الأمل لعدم تحقيق الهدف نفسه، أم لأننا لم نصل إلى الهدف بالطريقة التي خططنا لها؟ هل قضينا الوقت نصور تطلعاتنا ونشكلها من أجل الهدف، أم من أجل الخطة؟
في معظم الأحيان نضع خطة لحدوث الأشياء وكأننا نمسك بزمام القدر. لذلك تنتج خيبة الأمل من بناء آمال كبيرة في عملية التخطيط، وليس للناتج النهائي.
دعنا ننظر إلى الأمور بشكل مختلف الآن، ونُبَسِّط العملية الذهنية إلى:
الرؤية (الشيء المراد تحقيقه وفي العمق هو النية في العمل)
التحدي (ما يجب التغلب عليه كي تحقق رؤيتك)
الحل (فكرة للتغلب على التحدي القائم)
من المحتمل أن نفشل إذا كانت لدينا رؤية دون أن تكون لدينا أدنى فكرة عن التحدي، وهذا يكون نتيجة أننا سذج وغير واعين للأمور. ومن المحتمل أن نفشل إذا كانت لدينا رؤية، لكن لدينا ثقة زائدة في أن فكرتنا هي الحل الأمثل. وربما نفشل عندما لا نعرف ما هي رؤيتنا أصلًا، ولا لماذا نريد هذه الرؤية (غياب النية). لذلك، حتى إذا حققنا النوايا بطريقه مختلفة، لن نعلم حينها، وسنشعر بالفشل أيضًا.
إذا أردت أن تشتري لبنًا من المتجَر ولم تجد اللبن في السوق، هل ترى نفسك فاشلًا؟ هل الوقوع في هوة الفشل يختلف عن تسمية نفسك فاشلًا؟
إذًا ما النجاح؟ وما الفشل؟
النجاح محاولة تحقيق تطلعاتنا، بينما الفشل محاولة لم تثمر عن النتائج المتوقعة. لكن كليهما كان متوقَّعًا منذ البداية. النجاح هو النتيجة المرغوبة، والفشل نتيجة نَفِر منها. مع ذلك نعرف أننا نحتاجه، لكننا لا نريد خوض تجربة الفشل.
اقرأ أيضًا: الحياة كمعادلة حسابية: مزيد من التفكير.. مزيد من التجارب
إذا توقعنا الفشل ثم فشلنا، هل يعد هذا نجاحًا أم فشلًا؟
ماذا لو كان الفشل يمثل عدد المحاولات قبل النجاح، وكنت تعرف ذلك من قبل: هل يعد فشلًا؟
متى نفشل؟ طوال الوقت ببساطة.
لا يمكننا توقع أحداث المستقبل، وفي نفس الوقت نؤمن كل الإيمان بقدراتنا التخطيطية. لكن الفشل عملية تكيُّف لخطتك لتقارب درب النجاح المطلوب. لذلك، فالفشل مَعبَر للنجاح، والفشل عدة مرات مع الاحتفاظ بالرؤية الأولية كاملة، يعد نجاحًا.
الفشل + الفشل + (عدد متكرر من) الفشل = نجاح.
ماذا لو كان الفشل يمثل عدد المحاولات قبل النجاح، وكنت تعرف ذلك من قبل: هل يعد فشلًا؟ سوف تنظر إلى نفسك وأنت تخطو ناحية الهدف بنجاح.
إذًا، ما الفشل؟ هل هو خيبة أمل من عدم قدرتك على معرفة المستقبل؟ من يعتقد أننا نعرفه؟ لا أحد. مَن الذي يعلِّمنا بطريقة توهمنا بأننا نعرف المستقبل حق المعرفة؟ التعليم المدرسي مبني على قدرتك على توقع المستقبل.
لنفترض أنك تحاول تعليم شخص شيئًا تتقنه، وهو أن تعلمه كيف يشرب، أو كيف يأكل. يمكنك ببساطة أن تلقنه الخطوات دون تفكير، كأنك تغني أغنية «عيد ميلاد سعيد» دون أن تعير اهتمامًا للنوتة الموسيقية العالية أو المنخفضة، فيمكنك أن تغنيها وأن تفعل شيئًا آخر في أثناء الشرح، ذلك لأن ما تشرحه موجود في داخلك. لكنك لا يمكن أن تُغني أغنية جديدة بنفس الطريقة وتُعلِّم شخصًا أي معلومه معينة، بل يتوجب عليك أن تركز كامل انتباهك على كلمات الأغنية ونغماتها.
سلوك تعليم شخص الشرب أو الأكل خلال الغناء هو طريقتنا في التخطيط لأهدافنا. مع العلم أن هدفك، عكس الأكل والشرب اللذين تفعلهما بشكل يومي. إذ إن هدفك لم تحققه من قبل.
لماذا هذا السلوك؟ لأنك اعتدت أن تفعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا، ما يجعل الغناء خلال الشرح بسيطًا. ارتباط الفشل بالتعليم (السلوك المتكرر) جعلنا نعتقد بسذاجة أننا نعرف كيف نحقق رؤيتنا من التجربة الأولى، وكأننا نفعل هذا مرات عدة.
تحقيق هدفك ليس مثل التعليم المدرسي. يمكنك اعتباره كالسنة الأولى في التعليم، حين تحتاج إلى المساعدة لتعرف كيف يمكنك أن تذاكر. لكنه ليس كالسنة الأخيرة، بعدما تعلمت وأسست أسلوبك في الاستذكار.
الآن، كيف يمكنك التغلب على وصمة الفشل هذه؟
غيِّر طريقتك في النظر إليها، اعتبرها محاولة وخطوة في الطريق السليم، اترك اعتقاداتك بما هو صحيح واثبَت على إيمانك بأنك في الطريق الصحيح.
هذا سهل قوله وصعب فعله، أعلم هذا.
اقرأ أيضًا: فن الهزيمة: كيف نتعلم الخسارة بكرامة وشرف؟
كيف تتغلب على خيبة الأمل في أن الحياة لم تسِر كما رغبت؟
الأهداف والنوايا: افهم هدفك بسهولة. ليس فقط هدفك، بل السبب وراء رغبتك فيه، لأنك ربما تحقق أسبابك دون تحقيق هدفك
نظام داعم: مجموعة من الناس يستطيعون مساعدتك للتغلب على الإحباط ولا يحكمون عليك
رؤى مختلفة: حاول أن تجد رؤى مختلفة وأفكارًا، سيساعدك هذا على إدراك أن هناك تطلعات مختلفة لما ترغب في تحقيقه
كن ممتنًّا: ابدأ في كتابة قائمة بالأشياء التي تفتخر بها والأشياء التي تمتن لها
استمر: الحياة تستمر. هل رأيت حياة تتوقف بسبب أن أحدهم محبط لأنها لم تسر حسب توقعاته وخططه؟ طبعًا لا. من قال إن عليك أن تلعب دور الإله؟