ما هو الصّفر المُطلق؟
عندما يُسيطر جليد الشّتاء على نصف الكرة الأرضيّة الشّمالية، ويسنتفذ الدفء من الخريف الّذي يُقارب على الانتهاء ستصل درجة الحرار لمنخفضها الموسميّ. ولكن إلى أي درجة من البرودة يمكن أن تصل درجة الحرارة؟ إنّ أكثر الأماكن برودة في العالم هو أنتركتيكا، ليس بعيدا عن القطب الجنوبي. في عام 2010 وصلت درجة الحرارة في تلك المنطقة إلى (93-) درجة مئوية، لكنّها تبقى أكثر دفئًا من درجة الحرارة الّتي توصّل إليها العلماء داخل مختبرات جامعة ييل قبل بضعة أشهر. فقد نجح هؤلاء العلماء بتبريد وعاء نُحاسيّ لدرجة حرارة أعلى بنسبة صغيرة من الصّفر المطلق.
نحن نشير إلى مقياس كيلفن عندما نتحدّث عن الصّفر المطلق، يُشار إليه بِ (K). هناك أيضًا مقياس سيلزيوس (C) وفهرينهايت (F). درجة حرارة صفر مقياس سيلزيوس تُساوي 273.15 درجة مئوية بمقياس كلفن. الصّفر المُطلق هو صفر كيلفين ويُساوي (273.15 -) درجة مئوية. تتعلّق هذه المسألة بالذّرّات، فهي ليست ساكنة بل تتحرّك دائمًا بالاعتماد على الطّاقة الّتي تحتويها. إن قمت بتجميد الماء، فإنّ جزيئاتها ستفقد الطّاقة بشكل تدريجيّ وتتحرّك بشكل أقل حتّى تتجمّد. من هنا، يمكن الاعتماد على درجة حرارة المادّة لتحديد كمّيّة الطّاقة الموجودة في الذّرّات. كلّما ازدادت درجة الحرارة ازدادت كمّيّة الطّاقة في الذّرّات. لكن ماذا سيحدث لو فقدت هذه الذّرّات كلّ الطّاقة وتوقّفت عن الحركة؟ عندما يحدث هذا ستصل درجة حرارة المادّة إلى أقلّ درجة ممكنة، وهي صفر كيلفين . هذا الأمر لا يحدث إلّا نظريًّا، فإنّ قوانين الطّاقة الحركيّة وفيزياء الكمّ تقول إنّه لا يمكن تجريد الطّاقة بشكل كامل من الذّرّات، من هذا المنطلق يمكن القول بأنّه من غير الممكن تجميد مادّة ما لدرجة الصّفر المطلق.
إن قلتَ بأنّ الصّفر المُطلق غير موجود فهذا كأنّك تقول بأنّ الأبديّة غير موجودة. كلّنا نعرف بأنّه لا يمكن الوصول للأبديّة، لكن هل يعني هذا بأنّها غير موجودة؟ هذا السّؤال يميل أكثر لاختصاص الفلاسفة وأقلّ لعلماء الفيزياء.