ما هي انعكاسات البيئة العربية في نظرك فيما يتعلق بإنتاج الباحث وتقديمه مقارنة بالبيئة الغربية؟

ما هي انعكاسات البيئة العربية في نظرك فيما يتعلق بإنتاج الباحث وتقديمه مقارنة بالبيئة الغربية
ما هي انعكاسات البيئة العربية في نظرك فيما يتعلق بإنتاج الباحث وتقديمه مقارنة بالبيئة الغربية

 

تنبغي الإشارة إلى أن عدم تحقيق العالم العربي النجاح الأمثل في حقل البحث العلمي في العلوم الإنسانية عامة يعود إلى عوامل ثلاثة:

العامل الأول منها متصل بتوفر مبدأ الحرية في التناول، وأعني غياب هذا المبدأ في منطقتين تتصل الأولى بالموضوعات، والأخرى بالباحثين أنفسهم، في الأولى، على سبيل المثال، نلحظ أن هناك تغييبًا كاملاً لحقول مهمة في الدرس الأكاديمي، أو ربما تهميشًا متعمدًا للدراسات الأكاديمية في ميداني الأنثروبولوجيا والآداب الشعبية وغيرهما، ولذلك أثره البين في الحقول الأخرى، إذ إن مكتسبات الحقول العلمية تشكل تراكمًا يمكن الاستفادة منه على مر العصور، أما المنطقة الأخرى فهي شعور الباحث نفسه، وتملكه مبدأ الحرية التي لا تخضع إلا للمنطق العلمي، ومن دلائل ذلك الغياب عربيًا نجاح بعض الباحثين الذي عملوا في بيئات مختلفة عن البيئة العربية.

ويشكل غياب دعم البحث العلمي في العلوم الإنسانية العامل الثاني، وهو ما انعكس بجلاء على المنجز العام فيها، فظهرت، نتيجة ذلك بحوث لا قيمة فعلية لها، ودفع عدد من الباحثين والباحثات الذين اتسم إنتاجهم بالجدية إلى التوقف عن البحث، وسلوك مسار آخر، يتجلى في محاولات إيجاد مصادر دخل إضافية يتعاشون وأسرهم منها.

أما العامل الأخير فيتقاطع مع ما سبق، ويتمثل في شيوع الاعتقاد بأن العلوم الإنسانية لا جدوى منها، ولذلك رسخ في ثقافتنا العربية فكرة عدم الاهتمام بها، وعدها هامشًا مقابل العلوم الطبيعية، ولهذا نلحظ غياب الدراسات البينية التي تدعم تكافل هذه الحقول مجتمعة وتضافرها، وأحسب أن الأمم التي لا تتكئ على العلوم الإنسانية لن تتمكن من الإسهام في ميادين العلم، وخلق أبنية التطور في درسها في العلوم الطبيعية، فالعلاقة بينهما علاقة تكامل بين متجذر. ومن المخجل أن نلحظ أن عدد الدوريات والموسوعات المختصة بالعلوم الإنسانية في الشرق الأوسط في الثقافة الغربية يفوق أعداد ما توافر منها في العالم العربي كله.

 

m2pack.biz