متحف “اسطنبول مودرن” يعود حياً . رؤية جديدة للفنّ في تركيا

متحف “اسطنبول مودرن” يعود حياً… رؤية جديدة للفنّ في تركيا

متحف 'اسطنبول مودرن' يعود حياً... رؤية جديدة للفنّ في تركيا

يعجّ عادة متحف “إسطنبول مودرن” (أبرز مؤسسات الفنّ الحديث في #تركيا) بالزوّار، بين من يحلو لهم إلتقاط صور ذاتية في صالة العرض وآخرين يناقشون التحف الفنية بصوت خافت. لكنّ هذا الصرح الفني العريق يتحضّر لنقلة جديدة.
يتوقّف البعض لمعاينة لوحة عملاقة من صنع الفنان الألماني الشهير أنسلم كيفر، في حين يمتّع آخرون بصرهم بتحفة من توقيع الرسامة التجريدية التركية فخر النساء زيد ويغرق بعضهم في تأمّل صور بالأبيض والأسود لإسطنبول القديمة التقطها ابن المنطقة المصوّر الذائع الصيت آرا غولر.
وقد استحال متحف اسطنبول للفنّ الحديث منذ افتتاحه في 11 كانون الأول 2004 على ضفاف البوسفور، رمزا لاسطنبول القرن الحادي والعشرين المنفتحة على العالم لكن الفخورة بماضيها.
وكان النجاح الباهر الذي لقيه المتحف بعد افتتاحه من الأسباب التي دفعت مجلة “نيوزويك” الأميركية إلى اعتبار اسطنبول “من أروع مدن العالم” سنة 2005.
غير أن كلّ الأعمال الفنية تُزال راهنا من صالة العرض وتوضّب بدقة وحذر. فالمبنى، وهو كناية عن مستودع بحري معروف بالعنبر رقم 4 يعتزّ به سكان إسطنبول، سيهدم.
لكنّ هذا لا يعني نهاية هذا الصرح الفني المطلّ على قصر طوب قابي مركز إقامة سلاطين الدولة العثمانية.
سيعيد المتحف الذي أغلق في 18 آذار، فتح أبوابه في أيار في دارة أثرية في منطقة بيولو في وسط إسطنبول.
وهو حلّ موقت بانتظار بناء متحف جديد في الموقع الأصلي وفق تصاميم تزيد المعروضات رونقا.
وقد كلّف المهندس المعماري الإيطالي رينتسو بيانو بهذا المشروع الجديد المزمع إنجازه في خلال ثلاث سنوات وقد سبق له أن تولّى تصميم ناطحة السحاب الشهيرة في لندن “ذي شارد”.
ولا يخفي مدير المتحف ليفنت ساليك أوغلو حزنه لترك المبنى الذي شكّل مقرّ المتحف خلال السنوات الأربع عشرة الماضية.
وهو أقرّ لوكالة “فرانس برس” من داخل المتحف الذي بات خاليا من الزوّار ويعجّ بالعمال الذين يوضبون تحفه: “نشعر في الواقع ببعض الأسى والشجن”.
إلّا أنه أضاف: “مرحلة جديدة هي بانتظارنا وغايتنا مختلفة تماما. ومن شأن هذا المبنى الجديد أن يحمل لنا رؤية جديدة لعالم الفنّ ولإسطنبول”.
وقد حظي افتتاح “إسطنبول مودرن” بدعم الرئيس رجب طيب اردوغان الذي كان وقتها رئيسا للوزراء وأعطى موافقته لاستخدام المستودع البحري وترميمه.
ويرى البعض أن تجربة المتحف الناجحة هي خير دليل على أنه يمكن للفنون أن تزدهر في تركيا في عهد حكم حزب اردوغان المنبثق عن التيار الاسلامي والذي تولى السلطة في 2002.
وعرف الإبداع الفني مراحل صعبة منذ ذلك الحين، غير أن متحف الفنّ الحديث في إسطنبول لا يعتزّ فقط بأنه استقطب 7 ملايين زائر منذ افتتاحه بل بأنهم أتوا من مشارب المجتمع كلها.
وكان هذا الصرح الفني يعجّ قبل إقفاله الموقت بأتراك من كلّ الأعمار والخلفيات، إلى جانب حفنة من السياح.
لا تحظى غالبية المبادرات الفنية في تركيا بتمويل حكومي، وأكبر ممولين لهذا المشروع الجديد هما من القطاع الخاص.
ويندرج المتحف الجديد في إطار مشروع “غالاتا بورت” المقدّرة كلفته بمليار دولار والذي يقضي الهدف منه بإنعاش المنطقة المرفئية الأثرية في اسطنبول بفضل مبان مكتبية وسكنية جديدة إلى جانب محطة محدثة للرحلات بالسفن.
غير أن هذا المشروع لم يلق استحسانا كبيرا.
إذ نددت غرفة المهندسين المعماريين في اسطنبول بمشروع “غالاتا بورت” باعتباره انتهاكا لقواعد التخطيط المدني من شأنه أن “يلحق أضرارا يستعصى إصلاحها”، وهي مزاعم نفاها القيمون على هذه المبادرة.
وفي تصريحات لصحيفة “حريات”، قالت رئيسة مجلس إدارة المتحف آية حجازي بازي: “إن “غالاتا بورت” سيقدّم الكثير لإسطنبول عند إنجازه” داحضة ما يشاع عن أن المتحف سيفقده طابعه الخاص ضمن هذا المشروع الكبير.

m2pack.biz