متى تلجأ الفتيات للتدخين؟
أصبح من الطبيعي أن تلاحظ أعيننا فتاة تمسك سيجارة وتتلذذ بشربها حتى في مجتمعاتنا المحافظة دون أن يصيبها وجل أو يطالها خوف من نظرات الغير، وبينما تختار بعض الفتيات التخفي أثناء التدخين ويلجأن له بعيداً عن نظرات الناس، تجاهر أخريات بالسيجارة، فلا تهمهن نظرات الناس ويقمن بالتدخين في منأى عن اعتبار الأشخاص، وذلك لأنهن يعتقدن أن ما يقمن به هو الصواب، فالحق عند كل شخص ما استصوبه عقله ورجحه واطمأن له باله.
الكاتب الاجتماعي نبيل الهومي يخبرنا في الموضوع التالي عن أسباب ومظاهر لجوء الفتيات للسيجارة، وهل الأمر هوس تقليدي أو محاولة لإثبات الذات؟
بداية يقول الهومي: “اعتدنا في مجتمعاتنا لفترات طويلة على أن السيجارة شيء مكروه للفتاة، فرؤية الفتاة وهي تمسك سيجارة أشبه بمنظر زهرة اعتراها الذبول وأصابها النسيان، حيث تضمحل الأنوثة مع حمل السيجارة، ويتوارى الجمال والألفة وسائر السمات المميزة للأنوثة خلف ستار التدخين، ولكن الرؤية تختلف لمن أحببنها واعتدن عليها، فالعبارة التي ترددها المدخنات وتلهج بها ألسنتهن هي: “ما أسمج الدنيا بلا سيجارة “، فتختزل الحياة عندهن في شريط من النيكوتين يضر أكثر ما ينفع، كما باتت الحياة عندهن رهينة بالتدخين، فمن تدخن في نظرهن ظفرت بملذات الحياة ومباهجها، ومن حرمت أخذ السيجارة وشربها فوتت على نفسها تذوق طعم السعادة وعيش لحظات المتعة التي تقدمها السيجارة ويوفرها التدخين، والإشكالية هنا هي محاولة إثبات الذات والخروج عن المعتاد”.
• لماذا يلجأن للسيجارة؟
ويكمل الهومي: “بغض النظر عن أضرار التدخين التي يعرفها الجميع، وبحكم الميل الفطري بين الشاب والشابة، فإن الأخيرة تسعى جاهدة إلى تقليد كل تصرفات الشاب وأفعاله منذ أن نكبنا بلوثة الجري وراء التقليد، حيث تلحظ الشابة الشاب وهو يمسك السيجارة التي يشعر من خلالها برجولته ويعبر بها عن ذاته وما يعتلج في نفسه، فتستهوي هذه الصورة الشابة التي تقدم هي الأخرى على القيام بالتجربة دون أن تفكر في نتيجة اتباع الآخر، فتقودها التجربة إلى أن تصبح أسيرة للسيجارة التي تغدو بالنسبة لها تعبيراً عن أنوثتها ومثيراً يمكن من خلاله أن تلفت نظر الشاب إليها، والواقع أن أسوأ عاداتنا هي تقليدنا الذي يصل إلى درجة البلاهة وجهلنا الذي يختلط بالسذاجة، والمدخنة تعتقد أن السيجارة ملجأ للهروب من المشاكل التي تداهمها، وملاذ للفرار من العراقيل التي تعترضها، فتغدو رشفة سيجارة وسيلة لتنسى الهموم التي ترشح بها حياتها، وفي الحقيقة أن السيجارة لا تخفف من وطأة المشاكل وحدة الهموم كما تعتقد بعض المدخنات بقدر ما تزيد من تعميق الجراح وتوسيع دائرة الآلام، والشعور الذي تشعر به المدخنة لحظة تناولها للسيجارة هو نشوة سرعان ما تنقضي وتتلاشى بعد الانتهاء من تدخين السيجارة”.
• حقيقة إثبات الذات
ويرى الهومي أن إثبات الفتاة لذاتها لن يأتي من خلال السيجارة، حيث يقول: “إذا عدنا أدراجنا خطوة إلى الوراء، إلى ماضينا التليد وزمننا القديم، حيث كانت الشابة تفرض نفسها بحيائها وأدبها، وكان إثبات الذات عندها كامناً في ثلة من الشيم الرفيعة والسجايا السامقة، وكان ذلك يظهر في أسلوبها، فعلمتنا الشابات حينئذ ذلك بالفعل والقصص، مما أضفى على الفتيات في ذلك الوقت مسحة من الاحترام وهالة من التقدير”.