مجتمعنا غير اجتماعي

مجتمعنا غير اجتماعي
مجتمعنا غير اجتماعي

لكل فرد في الأمة حياة عائلة، وحياة اجتماعية.

وقد يكون أحدنا عائليٍّا مسرفًا، من بيته إلى مكتبه أو متجره، ومن مكتبه أو متجره إلى بيته، وهناك من يمدح مثل هذا الطراز من الرجال، ولكن الواقع أن الذي يسلك هذا السلوك يحيا حياة محدودة ليس له آفاق، كما أن إحساسه الاجتماعي قد يضعف إلى حد الزوال.

والإحساس الاجتماعي هو في النهاية إحساس الوطنية، وإحساس التعاون، وإحساس المسئولية السياسية، هو : “كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته “.

ولا يزال مجتمعنا – للأسف – ” غير اجتماعي فإننا لا نكاد نجتمع إلا في المدرسة أو المكتب، أو متفرجين صامتين في الدار التمثيلية أو السينمائية.

ولست أنسى هنا أن الضيافة اجتماعية، ولكنها للأسف لا تزال محدودة في بيوتنا، وهي فن قلما تحسنه ربة البيت؛ لأن مستواها الثقافي دون مستوى الرجال، ولذلك كثيرًا ما يقتصر واجبها على تهيئة الطعام ثم تنسحب إذا كان الضيوف من الرجال، أو هي تشترك مع الضيوف من النساء، ثم ينفصل الجنسان، فيتحدث الرجال عن السياسة، وتتحدث النساء عن الخدم والأطفال والأقمشة.

والقهوة المصرية، بل المطعم المصري، لا يزال كلاهما للرجال فقط؛ فقد كنت في الشهرين الماضيين في باريس، وكان إعجابي عظيمًا بالحياة الاجتماعية فيها؛ فإن القهوة هناك ليست للرجال وحدهم؛ إذ هي للنساء والرجال، وهي نادٍ للمؤانسة والنقاش والحب، وكذلك المطعم، فإنه ليس للغرباء الذين لا يجدون المسكن؛ لأن العائلات الفرنسية تترك بيوتها يومًا أو يومين كل أسبوع، وتتناول طعامها في المطعم، حيث الاجتماع بالأصدقاء، والاستماع إلى الموسيقا، وفي ذلك كله تربية وترفيه وراحة لربة البيت من أداء الواجبات المنزلية.

يجب أن نجعل مجتمعنا اجتماعيٍّا، للرجال والنساء، في البيت، في القهوة.

ويجب أن نتعلم الضيافة الراقية، فلا نقصرها على المائدة المطهمة، وإنما نجعلها اجتماعات متوالية للرقي والصداقة والحديث البار.

 

m2pack.biz