5 من أصل 5
ونحن بوصفنا أمة أو شعباً فيه الكثير من المدمنين، الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم، تشغلنا أنفسنا لا من منطلق إطلاق العنان لأنفسنا في المأكل والمشرب بشكل واقعي وإنما لأننا بحاجة ماسة إلى الاهتمام والإشباع الحقيقيين. والقول بأن المجتمع هو وأسرنا لا يلبون الاحتياجات الجماعية أو يشبعونها، لا يمكن أن يكون دفاعاً عن الانشقاق الذاتي الجماعي والشكوى الذاتية الجماعية يضاف إلى ذلك، أن الاعتراف بالاحتياجات التي لم يجر إشباعها يمكن أن يشكل عملاً إيجابياً تماماً، أو إن شئت فقل : إن هذا الاعتراف بتلك الاحتياجات غير المشبعة يمكن أن يكون بمثابة الخطوة الأولى على طريق الخروج من التعرض للإدمان من ناحية وانشغال البال النرجسي من الناحية الأخرى. صحيح أن المجتمع لا يتغير في عشية أو ضحاها، وصحيح أيضاً أننا لا يمكن أن ننتظر ذلك التغيير قبل أن نستبدئ شفاءنا الذاتي. ولكننا عندما نتعرف ذلك الذي نشتاق إليه فعلاً في حياتنا نكون قد بدأنا البحث عن طرق إشباع ذواتنا والعناية بها من ناحية وإشباع وعناية بعضنا ببعض على نحو يخرجنا في النهاية من انشغال البال الذاتي، ولا يجعلنا نغوص في أغواره. أضف إلى ذلك أن المجتمع هو نحن. وهذا يعني أن المجتمع يتغير إذا ما تغير العدد الأكبر منه.
ولعلنا الآن نبدأ في دراسة ذلك الذي يتعلق بنا، وبمنظوماتنا الأسرية، ومؤسساتنا المجتمعية ويخلق لدينا ذلك الإفلاس العاطفي، والذهني والروحي – أو إن شئت فقل: ذلك الذي يعرضنا للإدمان. ونحن لا يمكن لنا أن نبدأ – سواء على المستوى الفردي أو الجماعي – العثور على طرق الشفاء التي تعمل عملها بحق، إلا بعد أن نفهم حقيقة الواقع الذي نحن فيه.