محو التراث العمراني عشوائياً هل يُسهم في التحديث أم هو نزع للهوية2من اصل3
علىداغر
فلا يمكن أن يسكن أبناؤنا كما نسكن نحن، وكذلك لم يكن ممكناً أن نسكن كما سكن أجدادنا، لكن الذي لا يمكن له أن يتغير وإلا تغيرت
شخصيتنا ومن ثم ضاعت هويتنا وأصبحنا غير الذي كنا، هو ذلك الخيط الرفيع من النسق العمراني واللمسات الجمالية والعمق في البناء الذي يجب أن يظل متصلاً
ويمكننا ملاحظته بين، ما بني الفراعنة، ثم المصريين في العهد القبطي، ثم المصريين في العصر الإسلامي، وصولاً إلي القاهرة الخديوية، فلا يمكن لعين الدارس أن
تخطئ ذلك الخيط الفكري المتصل بين كل تلك الأزمنة من خلال العمران .
ولا أنسى كلمة للراحل “جمال الغيطاني” أثناء حوار صحفي أجريته معه منذ عدة سنوات، حيث قال “أنك لن ترى فرقاً بين المعبد الفرعوني
والكنيسة المعلقة، وبين مجموعة السلطان حسن في مصر القديمة، على الرغم من اختلاف الأزمنة” حيث يرى أن العقل والوجدان اللذان
بنيا هما عقل واحد ووجدان واحد على الرغم من اختلاف الأزمنة واختلاف مسمى الأديان إلا أن مفهوم هذا الشعب للتدين واحد ومن ثم تعبيره عنه معمارياً لم يختلف .
وتشهد العاصمة القديمة التي شهدت أحداث مصر الكبرى حملة أراها عشوائية من الهدم شملت عباس وفراغات كان لها أثرها في وجدان المصريين، ومن ثم شكلت
م عغيرها وعيهم بالوطن ومفهومهم له، هذه الحملة من الإبادة والتجريف بهدف التحديث، ولا أفهم في الحقيقة هل يتعارض التحديث مع الحفاظ على ذاكرة
الأمة ووعي الشعوب؟ هل يتعارض التحديث مع الحفاظ على مباني شهدت جدرانها ملاحم وأحداث مصر الحديثة؟ وهل الإبقاء عليها كان
سيعيق خطط التنمية وأحلام التحديث؟