مذاق الموت
وتساءلت ترى ما مذاقك أيها الموت، وكيف تحل إذا حللت، وعلى أي حال نترك هذه الدنيا المليئة بالإجراء والخداع. وذات صباح دهمتني هذه اللحظة الفريدة المقدسة، فقدت الوزن والتوازن وانغمست في شعور كامل الجدة لم ينبض به الوجدان من قبل، قلت إنني سأسبح أو أطير وإنني أستقبل عالما لم يطرق من قبل، وأن الضوء هاديء لدرجة السحر وأنه بلا نهاية، وأنني مستسلم بلا اكتراث أو ألم أو ضيق وأن أهازيج البشر تعزف من حولي. وانفلت من الجسد إلى الحقيقة المطلقة، وتجلى لي ما قبل الميلاد وعبوري بالدنيا والمستقر الأخير منظرا واحدا جامعا متكاملا كالوردة الكاملة لا يخفى لها أريح ولا سر فثملت بالاستنارة والسعادة الحقيقية، ولم يبقى معي من ذكريات الدنيا الا المثل الشعبي الذي يقول: “اللي تحمل همه ما يجيش أحسن منه
نجيب محفوظ