مراثي الشعراء…
بعد أنْ فشلت الثورات في أنْ تصنع بطولاتها الثقافية، وبعد أن أدرك الشعراء فداحة الكآبات القومية، صار علينا – نحن القراء المتورطين بوعي الشعر البحث عن زوايا أخرى، وعن أفقٍ آخر، وعن استعمالات يمكن أنْ تُعطي للقراءة نكهة مفارقة، وللمكان القومي لحظة غامرة من الأمان.
العالم بوصفه كلمات
قد نعود الى مقولة ماكليش التي تقول بأنّ العالم أشياء تصنعها الكلمات، لكن هذه المقولة ليست دقيقة بالكامل، ليس لأنها محفوفة بالخطر، بل لأنّ صناعة الكلمات لم تعد- هي الأخرى- صناعة آمنة للحكايات والأساطير، إذ باتت مُهددة وباعثة على إحالات خطرة، قد يموت فيها (المؤلف) على طريقة بارت، أو قد يموت فيها (الإنسان) على طريقة فوكو، والميتتان لاتخلقان فكرا، ولا خطابا، لأنّ موت المؤلف وموت الإنسان باتا يأتيان من مرجعيات و(حساسيات) أكثر غُلّواً، ومن قبل الدعاة والفقهاء والمراثي، وليظل حديث (الحيّز) الثقافي الذي قد تمثله الجماعات والعائلات والأحزاب والإيديولوجيات حديثا مشوشا، ولا أمان له، فقد يكون شبيها بالسجن، أو شبيها بدوغما النص الأصولي غير القابل للتأويل، الذي ستكون الكلمات فيه أشبه بالحرّاس، حيث يفرضون رقابتهم، ورعبهم، حتى تبدو لعبة الشعر وسط هذه المغالبة وكأنها نوع غرائبي من المجاز، ذلك الذي يتركنا عند المزيد من الأقنعة، والمزيد من الأوهام، حيث تُخفي الأقنعة الخيبات والعجز والتشوهات، وحيث تُخفي الأوهام الصور الحقيقية للذوات ولمراياها العالقة بها.
ناقد عراقي
علي حسن الفواز