(2)
وكان الحدث الهام الثاني في عام 1960 هو توقيع اتفاقية بناء السد العالي ومحطة التوليد المائية ضمن مشروع يحتوي على 12 وحدة قدرة كل منها 175 ميجاوات فتكون القدرة الكلية للمحطة 2100 ميجاوات، وتم تشغيل أول وحدتين من هذه المحطة في أكتوبر عام 1967 كما تم تشغيل آخر وحدة من هذه الوحدات في يوليو عام 1970 ومن أجل الاستفادة من الطاقة رخيصة التكاليف “المولدة في أسوان” في القاهرة وفي مراكز أحمال أخرى تم تطوير شبكة نقل موحدة بخط نقل مزدوج جهد 500 ك.ف لدعم النقل من أسوان إلى القاهرة وتم أيضاً إنشاء خطوط نقل ذات مستويات جهد 220، 132 ك. ف للربط مع محطات القوى الحرارية والتغذية ومراكز الأحمال الرئيسية.
وصاحب ذلك إنشاء شبكات نقل وتوزيع فرعية. وبإنشاء شبكات جهد 500/ 220/ 132 ك. ف تم استكمال توحيد مرافق الكهرباء في مصر. وتم إنشاء مركز تحكم قومي في عام 1968 للتحكم في شبكة الربط. وكان الهيكل المقام في بداية هذه المرحلة يشمل- الهيئات الآتية:-
- إدارة محطات الكهرباء المائية التابعة لوزارة الأشغال العامة- كانت مسئولة عن محطة الكهرباء المائية في أسوان.
- مصلحة الميكانيكا والكهرباء التابعة لوزارة الأشغال العامة- كانت مسئوليتها أساساً شبكات تغذية الكهرباء للري والصرف في الدلتا وفي الصعيد.
- مصلحة الميكانيكا والكهرباء التابعة لوزارة الإسكان والمرافق العامة- مسئولة عن حوالي 44 محطة كهرباء ديزل على مستوى الدولة.
- الشركة الصناعية والتي تمتلك كهرباء خاصة بها.
وفي عام 1962 أممت الحكومة المصرية كلا من شركتي ليبون في الإسكندرية وشركة الكهرباء المصرية في القاهرة، وهكذا- ولأول مرة في مصر، صار إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء ملكاً للحكومة، وفي نفس العام تم إيجاد “لجنة الكهرباء” المنبثقة عن المجلس الوطني للتنمية الاقتصادية لتنظيم قطاع الطاقة في مصر، وكان أعضاء اللجنة من رؤساء مجالس إدارة من قطاعات حكومية ومن المرافق المؤممة.
ومن أجل الإعداد للإستفادة من الطاقة المولدة مائياً في كل الدولة ومن أجل التنسيق المناسب لتطوير وتشغيل التوليد الحراري/ المائي، كان من الضروري توحيد كل مرافق الكهرباء في هيكل تنظيمي واحد. وفي عام 1964 تم إنشاء وزارة الكهرباء لكي تضم كل مرافق الكهرباء الموجودة في ذلك الوقت، وكان مسئولياتها تشمل تخطيط وإدارة وتنفيذ وتشغيل كل قطاعات الكهرباء شاملة التوليد والنقل والتوزيع. وكان تنفيذ شبكة نقل كهرباء السد العالي مسئولية هيئة إنشاء السد العالي ووزارة السد العالي.
وكانت فترة حياة هذه الوزارة قصيرة إلى حد ما، ففي عام 1965 صدر قرار جمهوري بإنشاء الهيئة المصرية العامة للكهرباء، ولكنها كانت تابعة لوزير الصناعة المعدنية والكهرباء.
وفي الفترة من 1965 إلى 1971 حدثت عدة إعادات تنظيم في قطاع الكهرباء في مصر. ففي عام 1971 أعيد إنشاء وزارة الكهرباء ،، كما تم أيضاً تشكيل هيئة كهرباء مصر، ومسئولية هيئة كهرباء مصر الأساسية كانت توصيل الكهرباء لكل المستهلكين بدرجة عالية من الكفاءة وبسعر تنافسي.
وقد منحت الهيئة حق توليد ونقل الكهرباء في كل مكان في جمهورية مصر، ومازالت تشريعات الهيئة كما هي حتى الآن ما عدا تعديل تم عمله في عام 1984 تم بموجبة استبعاد امتيازها في توليد الكهرباء وأيضاً مسئوليتها في توزيع الكهرباء والتي تم من أجلها إنشاء هيئة مستقلة.
وفي عام 1971 وفيما بعد، تم تكوين هيئات فرعية أخرى قليلة العدد تابعة لوزارة الكهرباء وهي:-
- هيئة كهرباء الريف
قبل نهاية الستينيات تبنت الحكومة المصرية خطة طموحة لتمكين الكهرباء من الوصول لكل القرى المصرية وتوابعها، وتم إنشاء هيئة كهرباء الريف عام 1971 من أجل هذا الهدف، وتشمل مسئوليتها دراسة وتخطيط وتنفيذ خطوط النقل ومحطات المحولات جهد 66 ك. ف وجهود أقل من ذلك مطلوبة لتوصيل الكهرباء لكل المدن والقرى والمزارع في مصر وكان عددها حوالي 2200 قرية رئيسية وحوالي 30000 قرية صغيرة. ونجحت هيئة كهرباء الريف في توصيل الكهرباء لحوالي 30% تقريباً من المناطق الريفية في مصر حتى عام 1982 حتى وصلت هذه النسبة في مستهل التسعينيات 95%.
- هيئة مشروعات الطاقة النووية:-
وكانت مسئولة عن تصميم وإنشاء مشروعات الطاقة النووية.
- هيئة مشروعات محطات الكهرباء المائية:-
تم إنشاؤها لكي تباشر تصميم وتنفيذ مشروع محطة توليد منخفض القطارة، وبعد ذلك تم توسيع مسئولياتها لكي تشمل أية مشاريع مائية لتوليد الطاقة.
وبإعادة تنظيم أهمية توزيع الكهرباء خصوصاً بعد التوسعات في شبكة الريف والنمو السريع للاستهلاك في المناطق الريفية. تم إنشاء شركات توزيع كهرباء إقليمية مستقلة في أواخر السبعينيات لكي تكون مسئولة عن تشغيل أنظمة الجهد المتوسط والجهد المنخفض وبيع الطاقة الكهربائية.
وفي مستهل الثمانينات تم فصل هذه الشركات كلية عن هيئة كهرباء مصر وتم إخضاع تبعيتها إلى هيئة قطاع عام جديدة لتوزيع الكهرباء، وفي مستهل التسعينيات تم فصل هذه الهيئة عن وزارة الكهرباء وتم إلحاق تبعيتها لوزارة قطاع عام ثم إنشاؤها حديثاً.
وفي بداية هذه المرحلة 1962 كان المجموع الكلي للطاقة المنشأة للأنظمة المنفصلة 1182 ميجاوات موزعة على الأنظمة المختلفة كما يلي:-
القاهرة 286 ميجاوات، وزارة الأشغال العامة 75 ميجاوات، المجالس البلدية 54 ميجاوات، مرافق أخرى 37 ميجاوات، وسد أسوان 345 ميجاوات، وبعد إكمال محطة كهرباء السد العالي كانت الطاقة المنشأة في عام 1971 “3775 ميجاوات” وإلى كان منها 1330 ميجاوات من محطات حرارية، 3554 مجاوات من محطات مائية.
وأزداد أقصى طلب للحمل من 372 ميجاوات في عام 1960 لكي يصبح 3240 يمجاوات في عام 1981، وزاد توليد الطاقة الكهربائية من TWH 109 إلى TWH 18 خلال نفس الفترة وتميز النصف الثاني من السبعينيات والعشر سنين الأوائل من الثمانينات بالنمو السريع في استهلاك الكهرباء، وكان معدل متوسط الزيادة السنوية حوالي 14% خلال الفترة “1975- 1982″ كما زادت ذروة الحمل من 3240 ميجاوات في عام 1981 إلى 9000 ميجاوات في عام 1996، وازدادت السعة المنشأة من 4733 ميجاوات إلى 13500 ميجاوات والذي وصل إسهامات محطات الدورة المركبة فيها إلى 20%.
وازداد إنتاج الطاقة من TWH 18 إلى TWH 87,5 مصاحباً زيادة استهلاك الكهرباء السنوي للشخص الواحد من 430 كيلو وات/ ساعة إلى 1000 كيلو وات/ ساعة خلال نفس الفترة. ومع بداية الثمانينيات كان من الضروري تنفيذ برنامج مكثف للتوسيع في التوليد، وبدأ البرنامج بتركيب وحدات توليد ذات توربينات احتراق داخلي وتم توريد وتركيب هذه التوربينات في وقت قصير جداً.
كما تم بنجاح إضافة محطات التوليد البخارية التقليدية إلى الشكبة، وهذه المحطات أساساً تشمل محطة شبرا الخيمة ” 1300 ميجاوات” ومحطة أبو قير ومحطة أبو سلطان 600 ميجاوات ومحطة عتاقة 900 ميجاوات.
كما تم أيضاً إضافة وحدات التوليد قدرة 150 ميجاوات لمواقع محطات التوليد المتواجدة وكان ذلك في محطات أسيوط، دمنهور وغرب القاهرة، وتم إدخال تكنولوجيا مشروعات الدورة المركبة “مشروع توليد دمياط 3× 375 ميجاوات، وتم تحويل محطات توربينات الاحتراق الداخلي إلى مشروعات دورة مركبة وذلك بإضافة غلايات لاستعادة الحرارة وتوربينات بخاريج.
وبدأ أيضاً برنامج كامل لاستخدام مساقط المياه لتوليد الكهرباء للاستفادة من إمكانيات نهر النيل وبدأ هذا البرنامج بإنشاء محطة توليد ثانية “300 ميجاوات” عند سد أسوان القديم وتم إدخالها الخدمة في 1985 وتبعها محطة توليد قناطر أسنا “80 ميجاوات” في 1994.
بالطبع تطلب ذلك تعديلات ضخمة في الشبكة الكهربائية لكي تساير نمو التوليد والأحمال، كما تم زيادة سعة محطات محولات الجهد الفاتق والجهد العالي من 12474 م.ف.أ في عام 1981 إلى 42750 م.ف.أ عام 1996 مع التوسع في أطوال خطوط نقل الجهدين الفائق والعالي من 11248 كيلو متر إلى 23220 كيلو متر خلال نفس الفترة.
وفي عام 1996 تم انتشار شبكة الطاقة القومية الموحدة لمصر لكي تعطي كل المناطق الحضرية والريفية حيث تك كهربة 97% من هذه المناطق. وأدت زيادة كفاءة مشروعات الطاقة عن طريق تجديد القديم منها وتحويل توربينات الغاز ذات الدورة المفتوحة إلى دورة مركبة، إلى تقليل معدل استهلاك الوقود من 240 جرام/ ك. وات ساعة في عام 1981 إلى 225 جم/ ك. وات ساعة في عام 1996، وهكذا تم توفير بترول الوقود لتصدير إضافة إلى تقليل إطلاق غازات. وقد نتج عن تزايد شبكات نقل وتوزيع الكهرباء، وتركيب مكثفات للتحكم في القدرة الغير فعالية، تقليل مفاقيد النقل والتوزيع من 19% عان 1981 إلى 13% عام 1995.
وبإدراك أهمية أن مصر تقع داخل الحزام الشمسي مع وجود عزل عال ضد الإشعاع الشمسي وتزايد احتمال استخدام هذه الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في المستقبل القريب، ثم إنشاء هيئة الطاقة المتجددة في عام 1987 “وكانت مصر إحدى الدول التي نفذت برامج ناجحة لتطوير موارد الطاقة المتجددة التي معظمها مصدره الطاقة الشمسية والرياح”.
كما تم إنشاء مركز اختبارات متخصص حديث لمصادر الطاقة الجديدة والتجددة EREDO ويشمل هذا المركز تسهيلات اختبار للقياس والاختبار والتقييم وإقرار وترخيص أنظمة طاقة متجددة متنوعة ومشتملاتها، وتقديم مشورة فنية وتدريب.