الثانوية المتقدمة

أسمهان الفالح: تونس

 

تضاربت الآراء حول السبل الكفيلة ببناء ذاكرة بحثية تراكمية تيسر علينا تناقل المعارف وتداولها، ما بين قائل بهيمنة التدوين وسيادة النص الورقي باعتباره الشكل الأمثل من ناحية الحفظ والتوثيق، وقائل بعودة المرحلة الشفاهية وغزوها للمشهد الثقافي بعد قرون من الانحسار.

وعلينا أن نميز في هذا الإطار بين (المرحلة الشفاهية الأمية)، كما اصطلح عليها المفكر الأمريكي والتر أونج، وتعني تلك الثقافة الخالية من أية معرفة بالكتابة أو الطباعة. ثم (مرحلة الشفاهية الثانوية المتقدمة)، وتُعد وليدة ما شهده هذا العصر من تطورات تكنولوجية هائلة انعكست على الأدب من حيث الإنتاج والتلقي.

وهي عبارة عن شفاهية مركبة تتجلى من خلال شبكات التواصل الاجتماعي سواء عبر الفيسبوك أو واتساب أو تويتر.. فتعددت بذلك وسائل الحفظ الإلكترونية والرقمية وأبرزها اليوتيوب الذي غدا أكبر مدونة للعرب. فإلى أي مدى يمكن القول بأن انتشار مثل هذه الوسائط السمعية والبصرية يمكن أن يملأ فراغ الكتابة أو يغنينا عن النص المرئي؟ وهل لانسحاب المطبوع بشكل تدريجي تأثير على نمو المعرفة والذائقة الجمالية؟