مساءٌ أخير
وحدَكَ في عَراءِ الثلاثين
مُتْرَفاً باليَباسِ وصُرَرِ المَراثي
ولأنَّكَ تُحْسِنُ الظّنَ بالعُمرِ المُكَوَّمِ أمامَكْ
تشكُرُ العُزْلةَ على حِصَّتِكَ الوَفيرَةِ مِن الفراغ
وتَمْتَدِحُ السَّرْدَ بعدَ كأْسِكَ الثالثة
تَرْتَجِلُ الأنخابَ غيرَ عابىءٍ بمُتَلَصِّصَةٍ أربعينيةٍ في البيتِ المقابلِ
نخبٌ أنيقٌ للأصدقاءِ الكُسالى
والغائبينَ والراحلينَ
والمُشَرّدين؛ بيادقَ خارجَ الرُّقعةِ’
والمُصابينَ بالزّهايمر؛ عزاؤُكَ الأبْيَض
نَخْبٌ لشعراءَ’
تزاحَموا على نافذةِ فكرةٍ وحيدةٍ
سَكَبَتْ ماءَ شَبَقِها ونامَتْ
يالِحَسْرَتِهِم!!
ولِفَرْطِ ضَلالِكَ؛ ظَفِرْتَ بالعَتباتِ
وضَحِكْتَ مِن هَشاشَةِ الهِدايةْ
نَخْبٌ لأُنْثاكَ البعيدة/ الذئبة المُدْماةِ؛ نكايةً بِكْ
وها أنتَ تَلْعَنُ القَمرَ/ حارسها الأبيض؛ نكايةً بها
تَلْعَنُ أطفالَكَ المُشَوّهينَ؛ مواعيدَكَ التي تجوبُ أرصفةَ المدينةِ الكالحةِ
وتسألُ نَفْسَكَ في نَزَقٍ: لِمَ أنْجَبْتُهُمْ؟!
نخبٌ صارخٌ كفضيحة
للوطنِ البليدِ
وتشكره لأنَّهُ مَنَحَكَ وليمةً صغيرةً مِن الشتائمِ
وهامشاً كبيراً لتبكي علَيهِ/ علَيك
ها أنتَ تَفُكُ صُرَرَ المَراثي وتوميءُ بها لقافلةِ الريح؛
أنْ تعالي، واقتَلِعي سُلالَتي
طينيَ البالِغ
وما عَلِقَ في رئَتَيَّ مِن هواءِ الوطنِ العَليل
لا رغبةً لديكَ في خَوْضِ معركةٍ أخرى
أعرفُ، ليسَ شغفاً في السكينةِ
ولا حصاداً للسّلام
لكنَّهُ الموتُ؛ ضَلَّ الطريقَ
لِيَمْنَحَكَ حَيّزاً في ورقٍ أبيضَ
لتَنْعى ما سقطَ على نافذتِكَ مِن حَمامْ’
نَخْبٌ للنافذةْ
نَخْبٌ للحَمامْ
ولكَثْرَةِ ما ارْتَجَلْتَ مِنْ أنخاب
نسيتَ يَدَكْ
صارت جسراً مُعَلَّقا/ شجرةً يابسةً، والحَطّابونَ كُثُرْ
أنخابُكَ _ يا صديقيَ _ تهاوَتْ’
انكسرَت
وانكسرَ مساؤكَ الأخير
لا شيءَ غير أربعينيةٍ مُتَلَصِّصَة
تَقْضِمُ يَدَاً مُعَلَّقَةً
وفارغة.
‘شاعر من الأردن