مستقبل الرجل الصناعي1من اصل2
اتفقت المراجعات التقريظية على أن كتاب نهاية الرجل الاقتصادي The End of Economic Man دفع
الشاب د رَكَر إلى الواجهة بوصفه معلقاً اجتما عياً، فكانت إحدى نتائج شهرته المتزايدة دعوة تلقاها من الناشر
الشهير هنري لوس Henry Luce ليعمل مستشاراً في رئاسة تحرير عدد الذكرى السنوية العاشرة لمجلة
فورشن Fortune . تخلى درَكَر بعد انتهاء مهمته عن عرض لوس السخي للانضمام إلى الهيئة الد ائمة لمجلتي
تايم Time ولايف Life وقاوم مغريات راتب الشركة ومتمماته الرا ئعة لأنه رأى أن العمل ضمن ثقافة لوس
النمطية سوف يقضي على استقلاله الفكري1.
بيد أن شهرته المتزايدة فتحت له باب فرص التعليم أيضاً ، وقبل وظائف تعليمية في كليتين صغيرتين تحظيان
باعتبار كبير هما كليتي سارة لورنس Sarah Lawrence وبينينغتو ن Bennington ولكن الالتزام التام
بدوام كامل في البيئة الأكاديمية كان خلافاً لمزاج وفطرة أنشطته المهنية ذات الوجوه المتعددة 2 .
أوقف اندلاع الحرب العالمية الثانية كل فكرة لتخطيط مسيرة طويلة الأمد. غير أن ال أعمال العدوانية لم
تتدخل في أنشطته المختلفة من تعليم و إلقاء محاضرات وك تابات غير ملتزمة برَبِّ عمل وا ستمرت تشغل القسم
الأعظ م من وقته. وكأن الأنشطة المهنية الثلاثة لم تكن تكفي درَكَر إذ وجد وقتاً ليعمل مستشار اً للجيش في
دراسات إنتا جية عديدة، وأكمل عام 1942 كتابه الكبير الثاني مستقبل الرجل الصناعي The Future o f
Industrial Man أيضاً.
ردد ال كتاب الجديد أيضاً صدى انزعاج درَكَر الروحي من الحضارة الغربية وإخفاقات
الحركة الصناعية الحديثة التي تنا ولها كتاب نهاية الرجل الاقتصاديThe End o f
Economic Man ولقد أزعجه عدم حدوث تقدم في المجال الاجتماعي والسياسي مشابه
للتقدم المادي الذي استمر قرنين دونما انقطاع، و أن الدول المتط ررة على الرغ م من كل تقدمها
التكنولوجي لم تخلق مجتمعاً يؤدي حق وظا ئ فه، وك ان ه ذا الفشل هو السبب الرئ يس
للأزمة التي واجهتها في العصر ال حديث. كتب درَكَر في كتابه مستقبل الرجل الصناعي
The Future Of Industrial Man : «ينبغي أن يكون للإنسان في حياته السياسية
والاجتماعية مجتمعاً مؤدي اً لوظا ئفه،