معماري الفقراء الحالم حسن فتحي4من اصل12

معماري الفقراء الحالم حسن فتحي4من اصل12

معماري الفقراء الحالم حسن فتحي4من اصل12
معماري الفقراء الحالم حسن فتحي4من اصل12

وإلى أن وصل عمره إلى سبعة وعشرين سنة لم يكن قد زار الريف قط. هو ابن الذوات مواليد الإسكندرية، صاحب الأطيان، ذات المساحات الشاسعة في المنصورة، والذي لا يذهب إلى أرضه إلا مرة واحدة في العام لاستيفاء حقوقه لدي الفلاحين.

إلا أن أمه المليئة بحنين مستمر ورغبة لا تنتهي في العودة إلى القرية حيث الحياة أكثر بساطة وسعادة وأقل حزناً، فعبر هذه الأم الرومانسية، أحب حسن فتحي القرية المصرية والفلاحين الفقراء وامتلأ رغبة في أن يعمل من أجلهم شيئاً، حيث تأثر بحالتهم لأنه رأى بيوتهم غير آدمية، والبيوت شديدة الفقر، وجماعات من البشر تتكوم في أكواخ من الطين منخفضة السقف وقذرة وبلا مراحيض ولا ماء نظيف معتمة، مكومة على بعضها في كآبة يتجاوز فيها الناس مع المواشي في حيز واحد.

واكتشف في أثناء زيارته مادة الطين ومن المؤكد أن بيوت الفلاحين ضيقة ومظلمة وقذرة وغير مريحة، لكن هذا ليس نتيجة خطأ من طوب اللبن، فليس هناك ما لا يمكن إصلاح أمره بالتصميم الجيد وحسن الانتقاء.

وعند قيام الحرب العالمية الثانية وغلاء المواد الخام من خشب وحديد وأسمنت وخلافه، وعدم القدرة على استيرادها، لجأ إلى الحل البديل من مادة الطين نفسها، وهو الطوب، فمنه يستطيع أن يبني ويسقف منزله، وأن الطريقة المثلى لذلك هي طريقة القباب.

وها هو ذا يؤكد نظريته باكتشاف الجوانب الإنسانية للطين. إذ رأي أن هذه المادة التي ارتبط بها اسمه أكثر مما ارتبط بمبادئه الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. هذه المادة لا تكلف شيئاً، فالطين ملقي على شواطئ الترع ويسبب ضيقاً لها، وهي مادة تصلح لبيوت الفقراء، وأن لا مناص للمجتمعات النامية أو الفقيرة من استعمال التكنولوجيا المتوافقة في البناء والتي تعتمد على المادة المحلية، كالطين في الأرياف والأحجار والطوب الطفلة في الصحراء. كما تعتمد على المهارات المحلية للتشييد. وتواجه في الوقت نفسه كل المتطلبات المعيشية للإنسان وظيفياً ومناخياً، بالوسائل الذاتية دون الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.

 

m2pack.biz