مفتتح كتاب الطين… مَطَالِع للغَرِيب
اليومَ تكُون علَى صِفة الغَريب. مُعتقدا في أشْياءَ عَارِيةٍ تمَامًا. مرجِّحًا إقدامك علَى سَفر طَويل يأْتي فِي حَبِّ الزَّيْتون، أوْ مُتفرِّغا لصُداع سَيسْكن سَريرَك كلّ َمَنام قلقٍ. متردّد فِي خوضِ جدلٍ صَامت عن مقولة أثيرة لديك؛
(……انّك……..الرّائي……إذا…)
تورقُ اليَوْم كَسحَابَاتٍ عَابرة حتَّى يَكون الشِّتاء أبْيض، أو تكُون كفِنجَان قهْوة يغْدق الصَّحْو على رسْم النُّعاس. ربَّما لنْ تَكون أبَدا مَا سَيتبقَّى على سُور قدِيم من رشْق الكَلام. ربَّما لنْ تَكون أيْضًا مِن حِكاياتٍ لمْ تكْتمل في اسْم المَدينة، و لمْ تَتَورَّد كَلون خَجلٍ.
لنْ تحدِّق فِي الفَراغ أبداً. سَتكُون الذَّاكرة عَودةً للامْتلاَء و الصُّراخ طَويلاً فِي شارِعٍ وَاسع. مخْتوما بالجَلبَة و السُّوق. أَنتَ تَعرف تمامَ كلّ شيءٍ وَ تًدْرك فِي كلِّ عطفة كَلاَمٍ خبيئةَ المُتَحدِّث.
(الغُول لا يخيف الأصابع……)
سَمعْناك مرَّة؛ قلْت أنّك لمْ تُوغل فِي المَسَاء، لتُرى فِي يدِكَ الشُّموع لكْن لتبْحثَ فِي الطُّفولة عنْ الغُول الذّي أرّقك صَغيرا و مَا زال هُناك في الرُّكن يَبني بيتَ العَنكبُوت، ويرقصُ علَى نَغم لمْ تتبيّنه لكِن علّمكَ أنّ الرّؤية سمعٌ و إصغاء لشيء ما. مخيف و مرعب لكنّه مَشْغول بلُطْف أحْلامِك، وهو يُسَاكِنُك حتّى الاكْتهاَل. يحرس ربَّما أمرا اتَّفقت فرَاسَتُنا أنه بدأ يظهر على وجهك.
)كم… كنا نحْسُدك لحِذقك اللَّعب بالمَرايا المُكسَّرة(
ماَزال هنَاك فِي الغَسق لوْن لمْ تَره. لمْ يَصنع لهُ أحدٌ وليمة و ذَبائحَ كَي لاَ يكُون قُربانا جديدا أو يَكُون صَلاة ًللغَائِبين فِي عَنت الظّهيرةِ. قد َنصَحْناَك جَميعًا أنْ لاَ تفِي بِوُعُودِك، حتَّى لاَ يأُكلكَ الذِّئب وَ أنتَ عارٍ بِلا َ ّقمِيصٍ وَ لاَ دَليل جِنَائِيّ عنْ الدّم المُراق منْك فِي أنْهار الكَلِمة المُرَّة.
(لنْ تخْسَرَ أبدًا رحلتك…. إنّها وَجْهٌ)
سَيُخْرسُكَ العِيد و الانتِصار فقط…قلّب على النَّار فكْرتكَ عَن الصَّباحات إنّنا نَرَاهَا طرِّية جدِّا و خَمُولة. لعلّها تغْدُو يَبَسًا و ربّما تَغْدو إعْلانا صَغِيرا عن عصيّ لمْ تُفلح فِي قلْع الذاَّكرة، ولمْ تتَّوج فِي سِباق الزَّحف علَى البَطن و الظَّهر في اتجَاه يتَحدَّر بِقوَّة عنْد ماءٍ آسن، يشْتغلُ بِصُنع البعَوض و الرَّائحة. لعلَّك بعدُ تذْكُر أوْبَتك إلَى اليقين بعد طول ريبة قرّرت بعدها أنَّ الطُمأنينة أصْل في الموت. أنّها خلّة تصنَعُ الأفْكَار الطَّريَّة كلَّ خَريف أَصْفر يَنحَاُز فِي أيَّامه للصّيف.
(لا تعد………..قرِّر سَريعاً كيْف تَسقُط فِي الجَناح)
لن تجد اشتهاءك. ستخوض كلّ ألوانك بعيدًا عنْ البَياض. الانتهاءُ عِراك الخُطُوط و فَاصِلة الغَرق. فتَذكّر إذًا أنْ لا تَصِل. أنْ لا تنْهي الدَّوام. أنْ لا تفِي بِوعُودك فلا شَيْء ينتَهي علَى وجْه السُّرعة غيرَ الصّوت و الاعتدال في منصّة من الغريب أنَّها تصْنَع ارتفاعها علَى خطِّ الرِّقاب…….
( يَدُورُ الرَّأس علَى لُجَّة البَحْرô)
ما الذّي سَيبقَى هُناك مَع صَفاقَة العَقْل. تُنتخَب الأفْكاَر دَائِمًا علَى سَبيل الضَّرورة الاقتصادية لِذَلك يَبْقى على الأزقة المسْدُودَة أن تَحفَظ َالفوانيس في أبْوابِها علَى سَبيلٍ أيضًا لكنَّه الأَمَلُ فِي حُدُوثِ خُسُوفٍ طاَرِئ ٍللأَشياءْ
والاحْتيَاجِ ربَّما لإسعاف أوّلِيٍّ.
(ما أكثر الحَمَاقَات…………..)
يَتدَرَّجُ أيُّ شيْء فِي أيِّ شيْءٍ منْ أجْلِ فقَطْ لمْعَة مسرُوقَةٍ مِنْ مَعْدنٍ ميِّتٍ فِي التُّرَابِ ومِنْ ضَرباَتٍ يَائِسَة لتَقلِيبِ أديم يابسٍ وَ قاسٍ. لذلك تبدأ الأشياء فِي عَطَش المَطَر والعَاصِفة و تَنْتَهي كذلك هُناك لأنَّ الأَغْطِيَةَ ليستْ غِلاَفًا معْدنِيا تشرَحُهُ الفيِزيَاء لكنَّها وسْعٌ يفتحُه الغَلْق. تعلَّق على انسياب نَبَاتِ اللَّبْلاَبِ واصنَع غِطَاءً للدُّور البَارِدَة………
(هل تُنسَى رعشَةُ الحبِّ الأولَى)
تقترب أحْيَانًا الشَّجرة مِنْ وَجْه النَّجْمَة حيْث يدٌ مَمْدُودَة إلى وجْه البَارِحَة بِلطْفٍ و رِيبَةٍ، حتَّى أنّ رعشَةَ الحُبّ ماَزالتْ مُمَرّغَة ًبكتابة غريبة. قد قلت ليسَ الأمْر غَير عنادِ الشِّعْر فِي احتِدَامِ اللَّوثة.أنْتَ هُنا مُعلّق في وجْد قديم و مُحَاوَلة يائسة الوُلُوج فِي قدَم عَرْجَاء لمْ تَعُد تُفكَّر فِي فِقْدَانها لصِفة المترجّلين على خَطّ المستقيم.
(كأنّ الخطّ رديء……….)
لا يبدو ذلك كافيا. لن يبدو لك ذلك كَافِيًا. بِإمكانِ الحَيَاة أنْ تكُون كذَلِك لعِبا غيْرَ مُترفِ، وغَيْر مُرْفَقٍ بتَوْضِيح فِي صُنْدُوق اللُّعْبة. حتَّى كتَابتِك على الورقة البيضاء لم تكف الأرْجُوحَة لاسْتِعَادة نُوَاسها بين متَعلِّقين هُمَا حَرفَان لم نَعْرف كيَف نفُكُّ فيهما الطُلسم. لمْ نَعرف حتَّى كيفَ نعُيد ترتيبهما في عَمُود المسَّلة.
( أيّها الغريب……)
المكاَنُ الأَخِير لِوَداعٍ طَارِئ ممْلُوء بالرَّائِحة. تَمَدَّدَ علَى شَكْلِ الغاَبَة. حيْث الخُلاصة شَجَرَةٌ واحِدة عنْد المنْحَدَر، ليسَ وَاضِحًا إنْ كاَنتْ تصْعد أو أنَّهَا كَانَت تهبِطُ لكنَّها أيْضًا سجَّلت جلبَةً قَوِّيّة. انَّه المَطَر يَحْتَفِل بغزل
الضَّفيرة الأُولَى لطِفلة ستَظلُّ حاَلِمَة….
(جسَد الحجَر القَديم………)
العائِدُون َ؛ جَسَدٌ قَديمٌ للحَجَر الأصْفَر الكِلسِيّ حيثُ يَنْبُتُ مُنْذُ ألفِ عَام الارتِجافُ في حِبْرِ الكَلاَم، و فِي صَفْحَة الحَوادث. كَأنّهم جُذذٌ تَسْتوعبهم الآن صورة واحدة محزنة- خزَّنَهَا أحَدُهُم فِي رُقَاقَة صَغِيرَة لهَاتف جوَّال لتكون قصة مسْرُودة باِلصّور. قدْ يَكُون مِنَ الحِكْمَة أن تَقُول ما أشدّ فَضِيحةَ مُسلسَلة عَدِيمَة الجَدْوى عَن كلام الحبِّ و الشَّغف. أنتَ ربَّما سَعيد جِدَّا و مُستمتِع حَوْل المائِدَة برُؤيَة الأَبْطَال مِثْلَما أنَّك غَير مُتأَكّد من الانْتصَار. إنَّهَا الحِكايَة كمَا تُلقَّن في الشَّارع. يَنْتصِر دائِما الأبْطاَل فِي المَلاحِم الوَطَنية لذَلك تشْتَعِل جَذْوة النَّار كلَّ سنَة للإعْلاَن عنْ الطّهارة و المَوتِ الشَّرِيف.
(خلِيطُ الضَّمائر…لِمَاذا تَصْنَعُ المُرْبِكَة)
أُّيّها الرَّائي… الجَسَد امْتِحان فتَلفَّت إلَى جَذْوةٍ لمْ يَرهَا القنْدِيل. ضَمير المُخاطَبَة المفْرد عَوْدة سيِّئة إلَى كُتب التَوْرِية المَقِيتة. لا تَتمَدّد فِي انفصَام حذّركَ مِنْه الطَّبيب و اكتئَاب أخْفَى القَمَر فِي الحَجَر القَدِيم. لا تَتَصَنَّع اللَّعب بِالمُربِكة كل الصُّور مركُّبة لتُخَاتِلَك. هلْ أخْبرناَك أنّكَ تَمْشِي فِي النَّوم ؟ هلْ أخْبرناَك عنْ شَامَة طلَعت فِي وَجْهِك؟
أيّها الرَّائي….غربتك مسافة….كن سعيدا بفاء الفناء
……………….
……………..؛
‘ شاعر تونسي