مناقب زُبَيدة
كانت زبيدة كاتبةً، مُحِبّةً للعمران، عَطوفةً على أهل الفقر والعلم، وقد وصفها ابن تغري بردي بقوله: (أعظم نساء عصرها ديناً، وأصلاً، وجمالاً، وصيانةً، ومعروفاً، ولقد تركت على طريق الحجّ مرافقَ ومنافعَ عمّت الجميع قرونًا …)، فكان ممّا صحّ من آثارها الجليلة التي عادت على المسلمين بالنّفع سقايتُها أهلَ مكّة الماءَ بعد أن كانت بدينار، فضلاً عن ذلك فقد أَجْرَت في مكّة عينَ ماءٍ عشرةَ أميالٍ إلى الحرم بحطّ الجبال ونحت الصخر، من أقصى وادي نعمان شرقيّ مكّة، وأقامت لها الأقنية حتّى أبلغتها مكّة، وذلّلت الطّريق للماء الذي سُمِّي عين الشَّماس أو عين زبيدة، كلّ ذلك بمليون و700 ألف دينار، وفي القرن الثّامن الهجريّ وصف اليافعيّ في (أعلام النّساء) عين الشَّماس بأنّها: (ذات بنيان مُحكَم في الجبال، تقصُر العبارة عن وصف حُسنه… آثارُها باقية ومُشتملة على عمارة عظيمة عجيبة).[١]
لم يقفِ الأمر عند العين فحسب؛ فمن آثار زبيدة أيضاً المصانع، والبِرَك، والآبار، والمنازل التي من بغداد إلى مكّة، وممّا يُنسَب إليها بناءُ مسجد زبيدة أمّ جعفر في بغداد، وكان قريباً من مسجد معروف الكرخي، وكان هذا المسجد واسعاً وطيد البُنيان قويّ الأركان، غير أنّه لم يبقَ من ذلك المسجد إلا خبر زبيدة.[١]