موجودٌ لكنه غائب-غياب الأب
إذًا فلنضع النقاط على الحروف ولنصحح فكرةً صغيرة، لا يعني غياب الأب عن البيت أنه ميت أو هناك حالة انفصال أو طلاق أو حتى مريض فهو كالميت في نفس الدرجة، إنما الغياب الأصعب والأقوى هو وجود الرجل كغيابه، تلك نقطةٌ مهمةٌ تعاني منها الكثير من البيوت العربية بسبب الجهل ونقص العلم والثقافة والتوسع العقلي، بسبب الفكرة السائدة بأن مسئولية الأب كلها تتلخص في العمل وكسب المال بينما يُلقي بالبقية على كتفي زوجته التي من الممكن أن تكون عاملةً هي الأخرى لكنه لا يعبأ بذلك لأن البيت مسئولية المرأة والمرأة وحدها في مجتمعاتنا والأطفال جزءٌ من البيت إذًا هم مسئوليتها، نرى دائمًا الخلاف الشهير بين الزجين إذا ما أخفق أحد الأولاد في دراسته أو أقدم على كارثةٍ وتسبب بالمشاكل نجد الزوج يرتكب نفس الخطأ بترك الابن أو الابنة أو ربما عقابهما عقابًا باطشًا أعمى ثم الإلقاء باللوم كله على رأس زوجته، كأنهم أولادها ومن صلبها هي وحدها وفشلت في تربيتهم! سيدي أنت أكثر فشلًا منها بل هي معذورة على عدم قدرتها على تربية الأولاد وحدها لأنه ما لهذا خُلقت التربية! كثيرون من الأطفال والمراهقين يعيشون حياتهم في ظل تربية الأم وحدها والتي تفتقد للحزم أحيانًا أو لرهبة الأب في نفوس أولادها أو حتى لا تتمتع بأقل قدرٍ من ثقافة التربية بينما علاقتهم مع أبيهم هي لحظاتٌ يرونه فيها يوميًا يتجنبون أي اشتباكٍ فيها معه ويحصلون على مالهم منه ويعاقبهم بدون بصيرةٍ أو خلفية إن شكت له الأم من أحدهم، إن مجرد فكرة الخوف الأعمى من الأب وتهديد الأم لأبنائها بأنها ستخبر أباهم هو خطأٌ ومصيبةٌ بحد ذاتها، على الأب أن يكون متواجدًا بنفسه حاضرًا كل ما يحدث مدركًا لما يمر به أولاده متفاهمًا معهم حاملًا نصف العبء لا مجرد أداة ضربٍ وعقابٍ تستدعيها الأم عندما تفقد السيطرة فيربي النداء!