نبذة عن رواية مذلون مهانون
رواية مذلون مهانون
تُعتبر رواية مذلون مهانون إحدى روايات ديستويفسكي الأقل شهرةً من غيرها ولكنّها كجميع رواياته تترك أثرًا لا يُمحى في النفس، كما أنَّ الرواية صغيرة حجمًا مقارنةً بأعمال ديستويفسكي الأخرى لكنّّها ليست وجبةً سهلة فستغصُّ بها أكثر من مرة وربما تتركها لأيام لكن على الأرجح بأنَّك ستعود إليها ولن تتمالك نفسك أمامها، ستقدِّم لك هذه الرواية تشريحًا دقيقًا لآلام الإنسان ودواخله وطريقة تفكيره عن طريق بطلها والذي يعدُّ الراوي أيضًا “إيفان بتروفتش”.
نبذة عن رواية مذلون مهانون
يسكن”إيفان بتروفتش” أحد الأحياء القديمة في سانت بطرسبرغ ويصادف يوميًا عجوزًا طاعنًا في السنّ تصرفاته مريبة فيقوم بملاحقته ومعرفة مكان سكنه هو وحفيدته الصغيرة “إيلينا”
إلى هنا نحن نلحق ببطل الرواية ونسير معه بينما لا نعرف أيَّ شيءٍ عن قصته لذا يعتمد الكاتب على تقنية الفلاش باك لنعود مع البطل إلى قريته ويبدأ بإخبارنا قصّة حياته.
كان “إيفان بتروفتش” فيما مضى يعيش في قرية بعيدة عن ضواحي المدينة مع أسرة أخمينيف المكوّنة من رجلٍ طيب وزوجته وابنتهم “ناتاشا” التي يقع إيفان في حبها ويَهيم بها وتعرف هي ذلك.
تبقى الأحداث هادئة كما حياة القرى إلى أن يطلب الملك يومًا ما من والد ناتاشا بأن يدير أملاكه في القرية، خلال ذلك يلتقي ابن الملك الأمير “إليوشا” بناتاشا ويقع في حبها وتبادله الحبَّ أيضًا معرضةً حياة أسرتها للخطر عندما تصل أقصى درجات الوفاء والثقة بحبيبها وتهرب معه حينها يُعلن الملك الحرب على أسرة اخمينيف ويتهمهم بسرقة أمواله وخداع ابنه.
تتداخل الأحداث في الرواية بشكلٍ كبير وتختلطُ فيها المشاعر بغرابة ف”إيفان” حبيب “ناتاشا” السابق يجدُ نفسه مضطرًا أن يقف موقف الصديق ويدافع عن حبّ ناتاشا والأمير حتى النهاية و”ناتاشا” التي خسرت عائلتها تُصدم بخيانة الأمير لها وتركها ملقاةً في الطريق بلا بيت أو معيل.
يُحاول ديتويفسكي هنا تمويه شخصية المجرم الذي تسبَّب بكلِّ هذا الدمار هل هو الملك المُسيطرُ على الجميع أم ابنه صاحب الشخصية المهزوزة أم ناتاشا التي وثقت بالأمير وتخلَّت عن أسرتها أم هو إيفان الذي لم يدافع عن حبه بل انسحب ووقف على الحياد.
حبكة مثيرة لا يتقنها سوى ديستويفسكي
بعد أن أصبحت الأمور واضحة يجمع الكاتب خيوط الماضي بالحاضر عن طريق انتقال أسرة اخمينيف إلى بطرسبرغ وتتسارع الأحداث بشكلٍ مريب فيقرر إيفان تبني الفتاة الصغيرة” إيلينا” بعد وفاة جدّها العجوز واضطرارها لممارسة التسول واستجداء المارة.
تُخبرُ الفتاة الصغيرة “إيفان بتروفتش” عن قصّة حياتها ومعاناتها هي ووالدتها التي هربت منذ زمنٍ بعيد مع أحد الأمراء والذي أصبح الملك الآن وكيف تخلى عنها ورمى بها وابنتها في الشارع. يربط “إيفان” الأحداث مع بعضها البعض ليرى كيف أنَّ التاريخ يُعيد نفسه ولكنَّ نهاية إيلينا تجعله يصحو ويقرر بأن يدافع عن حب حياته حتى النهاية.
تضعك هذه الرواية في دوائر مقفلة تكبر وتصغر، تتنفس معها وتختنق لتجد نفسك فجأةً وسط الدّوامة مُصابًا بدوار النفس البشرية ليقفز السؤال أمامك مباشرةً:
كيف عرفَ ديستويفسكي بماذا أفكّر؟