نشأته وشخصيته16من اصل16

نشأته وشخصيته16من اصل16

نشأته وشخصيته16من اصل16
نشأته وشخصيته16من اصل16

وم يزل بينهم وبين الاعتقاد حجاب من عوج العقول وعمى البصائر وأثرة الجهالة، وكل أولئك محسوب معدود في معايير الأخلاق.

ونعمم هذا القول في تقويم الفضائل والمواهب، فنفرق بين التقويم والتقدير، وبين التعليل والتفسير، فليست كل فضيلة عللناها أو فسرناها شيئًا قد أبطلنا قيمته وقدره، وليس قولنا ان هذه الروضة تنبت الرياحين والثمرات مبطلًا ما بينها وبين الفلاة المجدبة من الفرق والاختلاف. وليس قولنا إن هذا الإنسان شجاع لأنه استمد مناقب الشجاعة من وراثته أو من تعليمه أو من اعتقاده ذاهبًا بفضل الشجاعة مستويًا بينه وبين الجبان، أو بينه وبين الشجاع الذي هو دونه في شجاعته وإقدامه.

فالأسباب تثبت الفضائل والمواهب ولا تنفيها، وهي من أجل هذا جديرة بالإثبات وجديرة بالطلب وجديرة بالثناء، وان من تعرف أسباب حسنه لحسن وان من تعرف أسباب فبحه لقبيح، فلن يصبح الحسن قبيحًا لأنه معروف السبب، ولن يصبح القبيح حسنًا لأنه معروف السبب، وإن قل العجب مع عرفان السبب كما قيل، فقد يذهب العجب ولا يذهب الإعجاب.

والشاعر قد بلغ غاية الإعجاب بيحي حفيد علي بن أبي طالب حين قال:

كدأب علي في المواطن كلها         أبي حسن والعرق من حيث يخرج

وأين له من ذاك لا أين! إنه                    إليه بعرقيه الزكيين محرج

تفسير للشجاعة هو غاية التقدير، وإبطال للعجب هو غاية الإعجاب، وإنما يتجنى على الفضائل الإنسانية بتفسير أسبابها من يتمحل للنوع الإنساني كأنه يتمحل لعدو لا يرضيه أن يوصف بخير إلا أن يتعلل لمعابته بعلة، ويبطل العجب منه والإعجاب به سواء.

 

m2pack.biz