نصان

نصان

نصان

ملك
أصيبت مملكة بداء قاتل. خاف الملك كثيرا، فاغلق باب قصره ولم يسمح لأحد بالدخول أو بالخروج. نشفت الأرض، وقلت الموارد، وجفت الآبار، والملك لا يخرج من غرفته. فتح نافذة لبابه ،وجعلها تحت إمرة حاجب نظيف، ومن خلالها كانت تقدم له الرسائل والأطعمة .
رن جرس القصر،فأخبره الحاجب بأن حارسا قد مات، فأمر بحرقه ودفن رماده. في اليوم التالي رن جرس القصر، وأخبره الحاجب أيضا بأن حارسا آخر قد مات. جن جنون الملك وبدأ الخوف يتغلغل إلى أعماقه. بعد ساعة دق الجرس، وبعد نصف ساعة أخرى دق جرس آخر، أصبحت الأجراس تدق بكثرة. نادى الحاجب فلم يرد. أراد أن يفتح الباب لكنه سمع صدى خطوات تقترب .. وتقترب وأجراس ترن وترن
الزرقاوي
خرج الزرقاوي من كهفه، فسمع طفلا يقول لرفاقه: لو كنت أملك حزاماً ناسفاً، لفجرت نفسي بين أعدائي.
مد الزرقاوي يده إلى جيبه، وأخرج دمية خشبية صنعها بنفسه ثم قدمها له .
مشى، فشاهد امرأة نحيلة جالسة على الأرض .. وفي حضنها طفل رضيع. نظرت إليه وقالت له : أيها الشيخ الجليل أعطنا شيئاً نأكله .
فتح صرته وأخرج حبات تراب رشها عليها ومشى دون أن يتكلم .
في الطريق صادف رجلاً يسأل عن الحقيقة ؟؟ فطلب منه الزرقاوي أن يغمض عينيه ليراها.
اشتد الحر فهرب الجميع إلى بيوتهم، أما هو فقد صعد إلى أعلى تلة وقال بصوت هادىء: أيها الناس إن لم يحرقكم الإيمان فلا تصدقوا النار .
نزل ومشى بخفة حتى كاد يطير .
شاهد آلة كبيرة تهضم الحجارة والبشر، عض على شفتيه فسال خيط من الدم .اقترب أحدهم منه ،وشد لحيته فخرجت فراشات وعصافير، وعطر طيب الرائحة، خدر الجميع.
اقترب من الناس الذين أصابتهم الدهشة وقال: أجسادكم مثل تلك الصخور وأرواحكم كذلك النبع الطالع منها .
لم ير أحد الزرقاوي بعد ذلك لكن صوته بدأ ينمو في باطن الأرض وأعماق الناس .

m2pack.biz