(2) نظرية الهوية الاجتماعية
4من اصل4
عندما واجه رئيس الوزراء البريطاني نفسه مرة أخرى عصيانًا كبيرًا عندما انتشرت في البرلمان فضيحة المصروفات، فشل في التعامل على أنه “الخبير الذي لا يشق له غبار في الماليات”، وهذا سمح بانتشار فكرة التضحية بكبش فداء عندما يظهر الشك ونبحث عن حل من خلال تركيز اللوم على القائد بمفرده، جوردون براون.
إلا أن نجاح القادة النمطيين لا يعتمد فقط على إقناعنا بـ “أننا” مختلفون عن الآخرين وأفضل “منهم”، بل أيضًا على “إقناعي” و “إقناعك” لنصبح “معًا”. ولحسن حظ القادة، فإن هذا ليس بالأمر العسير لأنه لا يعتمد على التحليل العقلاني “للحقائق”، بل على الاستجابات العاطفية التي غالبًا ما تكون لا واعية. في الحقيقة، كل ما يحتاجه الأمر هو ما عبر عنه بندكت أندرسون بعبارة “وثبة الخيال”. وما عناه بهذا هو أنه بما أننا لن نعرف أبدًا إن كان الآخرون “يشبهوننا” بالفعل أم “يشبهونهم”، فكل ما علينا ببساطة هو تخيل أن الحالة الراهنة هي إحدى هاتين الحالتين. ومن ثم، لم يكن من المهم إن كان الجنود على كلا جانبي الخنادق في الحرب العالمية الأولى تجمعهم أشياء أكثر من الأشياء التي تجمع بينهم وبين قادتهم فيما يتعلق بطبيعة حياتهم ودخلهم المادي وعاداتهم وما إلى ذلك. بل كان الأمر المهم هو “أنهم” يختلفون عنا بوضوح، وهو ما يجمع “بينك” و “بيني” لنصبح “صفًا واحدًا” يرغب في “قتالهم”.
يمكننا أن نرى ذلك عمليٍّا في تشكيل الهوية الإنجليزية والفرنسية، حيث إن هناك أرضية واحدة توحي بأنه إلى أن نشبت الحرب بين الجيش الثوري الفرنسي تحت قيادة نابليون والإنجليزي تحت قيادة ويلنجتون، ربما كان أغلب الناس في بريطانيا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم إنجليز أو اسكتلنديون أو ويلزيون أو أيرلنديون، لا بريطانيين. وبالمثل، ربما اعتبر “الفرنسيون” أنفسهم على أنهم من أبناء بريتانيا أو نورماندي أو أي منطقة ينحدرون منها، لا فرنسيين (بالفعل، أغلب الناس في فرنسا في هذا الوقت لم يكونوا يتحدثون الفرنسية بل يتحدثون لغة محلية).