نقاد عرب يناقشون دور المسرح في ترسيخ حوار الثقافات
الرباط «القدس العربي»: في إطار الدورة التاسعة للمهرجان الدولي للمسرح الذي نظمته جمعية كوميدراما للمسرح والثقافة مؤخرا في مدينة وجدة المغربية، أقيمت ندوة فكرية في موضوع «دور المسرح في ترسيخ حوار الثقافات»، شارك فيها الأديب والكاتب المسرحي المصري السيد حافظ، ومن المغرب النقاد المسرحيون مصطفى رمضاني ومحمد نوالي والحسين الشايط، وأدارها الناقد المسرحي والإعلامي الطاهر الطويل.
ركز الدكتور محمد نوالي في مداخلته على ما سماه «العلاقة التضادية بين الأنا والآخر»، حيث تحدث عن المستشرقين ومخيال الشرق، مشيرا إلى اكتشاف الشرق الآسيوي على يد مخرجين أوروبيين. وأوضح أن اللجوء إلى الغرب كان من أجل إغناء الثقافة الغربية التي كانت ثقافة عقلانية، وليس من أجل الاعتراف بالثقافة الشرقية. وذكر المتدخل أن حوار الثقافات نابع من تعدد الهويات والإيمان بالبعد الديمقراطي؛ رابطا ذلك ب»التناسج المزعوم» للحوار بين الثقافات. وأكد أن الحوار مع الآخر ينبغي أن يكون من أجل تملكه واكتشاف الذات في الآن نفسه.
وارتأى الحسين الشايط الارتكاز على الملاحظات الجوهرية التي خلص إليها الباحث المغربي خالد أمين في كتابه «الفن المسرحي والصورة الأصل»، حينما تحدث عما أطلق عليه «توازن الانحطاط»، وأبرز عددا من الثنائيات والتقابلات: الهوية والكونية، الشرق والغرب، نحن وهو، الهش والسليم. وفي إطار النبش في «تناسج الثقافات»، لفت الانتباه إلى مساهمة المفكرة الألمانية إيريكا فيشر في البحث عن نظام ثقافي جديد يركز على التواصل عوض الفكر، وختم مداخلته بالتساؤل عما إذا كان المسرح، بخصوصياته الجينية، قابلا لاحتضان الحوار بين الثقافات والتواصل، بهدف العودة إلى الأصل.
وتطرق مصطفى رمضاني في مداخلته إلى حوار الجماليات المسرحية العالمية، حيث ذكر أنه من الناحية التاريخية لا وجود للندية في هذا الحوار، وانتقل من الشعرية الأرسطية إلى مساهمات مسرحيين غربيين معاصرين، ليخلص إلى ملاحظة مفادها أن النموذج الغربي ظل أحادي الفرجة، لكونه كان يعتمد على النص لوحده، وبذلك لجأ مسرحيون غربيون إلى استلهام تجارب شرقية ومن بينها الرقصات الهندوسية التي تقدم خطابا شاملا ومتعدد الأبعاد البصرية والجمالية والدلالية. ومن ثم، دعا المتدخل إلى عدم اقتصار المسرحيين العرب على الصيغة الجمالية الغربية الأرسطية، ماداموا متوفرين على صيغ أخرى وقادرين على نسج علاقة مثاقفة إيجابية مع الجماليات المجاورة لهم.
وخصص الأديب المصري السيد حافظ مداخلته لدور المسرح المصري في ترسيخ حوار الثقافات، بدأها بالحديث عن تأثير الحملتين الفرنسية والإنكليزية على الممارسة المسرحية في أرض الكنانة، كما أبرز الأدوار الإيجابية التي قام بها مسرحيون مصريون سافروا إلى الخارج من أجل الاحتكاك بالتجارب الفنية الغربية. ثم فصّل القول في الانتعاشة التي شهدتها المسارح المصرية مع ثورة 1952، إنْ من خلال البعثات المسرحية التي توجهت إلى أوروبا، أو من خلال الثقافة الجماهيرية التي اعتبرها المتدخل الدرع الواقية للمسرح العربي حتى الآن.
وأضاف السيد حافظ أنه بعد نكسة حزيران/يونيو، برز نوعان من المسرح في مصر، أحدهما تجريبي قائم على البحث عن البديل ومنفتح على العالم، والثاني كوميدي ساخر يسعى إلى جمع المال محاولا الهروب من الواقع. وخلص المتدخل إلى القول إن المسرح الكوميدي الخاص وصل إلى نهايته، بينما يظل مستقبل المسرح المصري مرتبطا بالثقافة الجماهيرية.