نينا فارس “نسعى أن نغرس حبّ القراءة في نفس الطّفل”

نينا فارس: “نسعى أن نغرس حبّ القراءة في نفس الطّفل”

نينا فارس.. “نسعى أن نغرس حبّ القراءة في نفس الطّفل”

يقول الشاعر والأديب أحمد شوقي عن العلم: “العلم يرفع بيتا لاعماد له… والجهل يهدم بيت العز والشرف”. فالعلم لا ينطلق فقط من المدرسة وإنما أيضا من  العناية بأدب الطفل.
أدب الطفل العربي، كان قائما أساسا على الخرافة الشعبية التي ترويها الجدات. غير أن الحاجة والضرورة الملحة للعناية بهذا الطفل وبفكره منذ السنوات الأولى، دعت إلى بعث دور مهمتها العناية بأدب الطفل و توعية وتنوير عقله الصغير.
وللاطلاع أكثر على أهمية أدب الطفل والعناية به وتقريبه من المطالعة والكتاب في ظل عالم رقمي، حاورت مجلة ميم رئيسة قسم الشؤون التربوية في دار أصالة للنشر والتوزيع  الأستاذة نينا فارس سعد الدين.
لا يمكن الحديث عن الطفل والكتاب وعن أدب الطفل، دون الحديث عن نينا فارس، وتقديمها للقراء،  من هي نينا فارس؟ ومتى بدأت رحلتها مع أدب الطفل؟ هل كانت دار أصالة هي المنطلق؟
أنا نينا فارس سعد الدين، مُجازة في الأدب العربيّ من الجامعة اللّبنانيّة / قسم الآداب والعلوم الإنسانيّة. عملت في سلك التّعليم لمدّة عام وأنا ما زلت طالبة جامعيّة كمُدرِّسة اللّغة العربيّة للصّفّ الثّامن والتاّسع من المرحلة المتوسّطة.
بعدها عملت كمنشّطة في «مجموعة إقرأ» الّتي أصبح اسمها الآن «مجموعة أنا أقرأ»  لمدّة ثلاث سنوات، ضمن مشروع نظّمته الجمعيّة «إقرأ تنجح»، موجّه إلى الأطفال في المدارس الرّسميّة. وذلك من خلال قصص عديدة مُختارة من دور نشر عدّة ومنها «دار أصالة»، بالإضافة إلى نشاطات تربويّة تعليميّة وترفيهيّة متعلّقة بالقصص بحيث تخدم منهجهم التّربويّ. ويهدف هذا المشروع إلى تشجيع القرّاء الصّغار على المطالعة وحبّ المعرفة، لكي يصبحوا قرّاءً جيّدين مستقبلًا.
وفي الوقت نفسه، كنت موظّفة في دار نشر مختصّة بالكتب الأدبيّة وكتب طلّاب الجامعات، ودام عملي في تلك الدّار خمس سنوات.
بعدها، انتقلت للعمل مع أسرة «دار أصالة»، حيث  انحصرت مهامي في قسم الشّؤون التّربويّة، أُشرفُ على صَوغ النصوص وعمليّة النّشر، أتعاملُ بشكلٍ مباشر مع المؤلّفين ومنسّقي اللّغة العربيّة في المدارس الخاصّة. أشاركُ في المعارض العربيّة الدّوليّة، وأيضًا في المعارض المنظَّمة في مؤسّسات تربويّة كبرى.
لكلّ من هذه المحطّات المهنيّة أضافت لي مكسبًا علميًّا وثقافيًّا كبيرًا. خصوصًا عملي في «دار أصالة » الذي أعتبره أكبر مكسب لي، ويقدّم لي خبرة كبيرة و آفاقا ومجالات واسعة في المجال التّربويّ. ويكفي أنَّه يقدّم لي شغفًا لا مثيل له في عالم الطّفولة وكلّ ما يخصّ الأطفال.
الطفل العربي هو أولويات دار أصالة للنشر، ماهي الطرق التي تعتمدها ليكون الكتاب محبذا لديه؟
أدب الأطفا عامل جوهري في بناء مستقبل أطفالنا الّذين ينجذبون لِما فيها من أفكار وخيال وأحداث، وإلى ما تحتويه من سردٍ جميل وحوارٍ ممتعٍ.
ونحن «دار أصالة» كدار مختصّة بأدب الأطفال نقوم بالعمل على مجموعة من المعايير الّتي نراعيها في اختيار القصص وأهمّها الفكرة الجيّدة والمناسِبة للبيئة العربيّة. من حيث المضمون:
1) أن تشتمل القصّة على عناصر مهمّةٍ من تسلسل الأحداث وتماسك الأجزاء.
2) أن تكون سهلة الأسلوب ذات معنى واضح، كي تحقّق المتعة والتّسلية في المطالعة بعيدًا عن الملل.
3) أن تشدّ انتباه الطّفل.
4) أن تكون القصّة مناسبةً للطّفل، تبعًا للمرحلة العمريّة ومدى نموّ قدراته الذّهنيّة وذوقه، حتّى يتمكّن من إدراك ما تحويه من أفكار وأساليب.
بذلك يمكن أن نصل بالقصة إلى الهدف المنشود وهو مساعدة الطّفل على أن يسيطر على عالمه الدّاخليّ والحياتيّ.
يعيش الكتاب والقصة قطيعة مع الطفل، خاصة في ظل مسرح العولمة والانترنت، كيف يمكن أن نعيد الثقة بين الطفل والكتاب؟
لا يمكننا أن نغضّ النّظر عن التّطوّر التّكنولوجيّ المحيط بنا جميعًا، وخاصة  بأطفالنا. لأن العالم الرقمي والعولمة، أصبح من أولويّات حياتنا وواقعنا. ولكن، على الرّغم من ذلك لا يمكن أن يُلغي دور الكتاب وأهمّيّته. وهنا يأتي دورنا كدور نشر تعنى بأدب الطفل وهو التركيز على طرح إصدارات مواضيع عديدةً تهمّ الطّفل وتُحاكي الواقع الذي يعيشه في ظلّ التّطوّر. وبذلك نكون قد شجّعنا الطّفل على الاقتراب أكثر من الكتاب وجذبه لاختياره وعدم الاستغناء عنه والتوجّه بشكلٍ كلّيٍّ إلى الإنترنت والهواتف الذكيّة.
خلال زيارتكم لمعرض الكتب، بالدول العربية، هل تلاحظون إقبال الأسر على شراء الكتب؟ وماهي الدول العربية التي تقبل أكثر على الكتب في المعارض؟
إنَّ هذه النّقطة هي نقطة نسبيّة نوعًا ما، لا يمكن الجزم أنَّ الإقبال على كتب الأطفال في تقدّم أو تراجع بشكلٍ كاملٍ. إذ يتفاوت بين بلدان العالم هذا الأمر، مثلًا في بلاد الغرب هناك إقبال كبير وشريحة كبيرة من الفئات القارئة صغارًا وكبارًا،؛ أمّا في عالمنا العربيّ إنَّ نسبة المطالعة فضيئلة مقارنةً ببلاد الغرب.
ولكن، هناك تقدّم ملحوظ من حيث إنَّنا نجد أسواقًا جديدةً لكتب الأطفال. بالإضافة إلى اهتمام الوزارات، فتح المكتبات العامّة والخاصّة الجديدة وأيضًا اهتمام المدارس والأهل بكتب الأطفال والوعي على أهمّيّتها في تربية الطّفل؛ كلّها ساهمت في زيادة الإقبال على كتب الأطفال.
هل الولي الذي يختار الكتب في المعارض  أم الطفل؟
بشكلٍ كلّيّ أولياء الأمور والتّربويّون هم مَن يختارون كتب الأطفال. على الرّغم من أنّني دومًا أشدّد وأشجّع على أن إفساح الفرصة و المجال أمام القارئ الصّغير أو الطّفل لانتقاء واختيار الكتب بنفسه وطبعًا مع توجيهنا له لاختيار الأنسب من حيث الشكل والمضمون.
تجربة زيارة المدارس وقراءة القصص للتلاميذ، فكرة جديدة في العالم العربي، ما هي غاياتها؟ هل يمكن أن تنجح هذه التجربة لو عممت على نطاق عربي واسع؟
رسالتنا السّامية تجاه أطفالنا تحتّم علينا أن نقدّم لهم ما هو أفضل لهم من قصص. ونسعى  دومًا إلى تشجيعهم على المطالعة وتحفيزهم على اختيار الكتب لِما فيها من فائدة من ناحية السّلوك، التّربية، إغناء المخزون اللّغويّ، القدرة على التّعبير، تنمية قدراتهم الذّهنيّة والإدراكيّة وبناء نفسه وشخصيّته.
وهو ما نسعى إلى طرحه خلال زيارتنا إلى المدارس والأنشطة القرائيّة التي ننظّمها في المؤسّسات التربويّة. وإذا عُمِّمت هذه التجربة بشكلٍ أوسع سنتوصّل إلى نتائج ملحوظة ونشجّع أكثر فأكثر على المطالعة.
ماهي النصائح، التي يمكن أن تقدمها نينا للأسرة العربية، لتشجيع الأطفال على القراءة والمطالعة، بالتوازي مع الدروس؟
نسعى دومًا في عملنا إلى غرس حبّ القراءة في نفس الطّفل، وتربيته على ذلك، حتّى تصبح عادةً له يمارسها ويستمتع بها. وهذا كلّه ينطلق من البيت.
أمّا السُّبُل الَتي تُعتمَد لتقريب الطّفل من الكتاب وتشجيعه على المطالعة، فأهمّها:
بدء القراءة في سنّ مبكّرة. وذلك بعد اختيار الكتاب المناسب لعمره أي أن يتضمّن صورًا واضحةً بألوانٍ جذّابة، وأن يكون غلافه مقوًّى. فإنَّ هذا الأمر، يخلق جوًّا ممتعًا للطّفل، ما يزيد من احتمال تفاعله مع الكتاب واحترامه لاحقًّا.
        وجود مكتبة منزليّة تحوي كتبًا متنوّعةً تطرح موضوعاتٍ مختلفة.
        وجود مكتبة في غرفة الطّفل، تتضمّن كتبًا مناسِبة لعمره، وتطرح مواضيع تهمّه.
       أن يكون الأهل بالنّسبة للطّفل قدوةً ومثالاً يُحتذى به في المطالعة، إذ إنَّ رؤيته لهم يطالعون كتابًا أو مجلّةً أو جريدةً تحفّزه على أن يتصرّف مثلهم. فإنَّ هذه البيئة المُحِبّة للقراءة تجعله تلقائيًّا مُحِبًّا بدوره للكتاب والقراءة.
       سرد قصّة للطّفل قبل النّوم من قِبَل أحد الوالدَين. والأهمّ في هذا الأمر، إعطاء الطّفل فرصة في اختيار القصّة الّتي يريد أن تُقْرَأ له.
      أن يُقدَّم الكتاب كهديّة للطّفل إلى جانب الألعاب الّتي هو بحاجةٍ إليها في طفولته بحيث لا يُحرَم منها، وبالتّالي تذكيره بشكلٍ غير مباشرٍ بأهمّيّة الكتاب.
      تحفيزه عند شراء كتاب هديّةٍ لأحد من أصدقائه على أن يكون الكتاب من اختياره.
      اصطحاب الطّفل إلى معارض الكتب المخصَّصة للأطفال، ومشاركته في اختيار الكتب الّتي تناسب عمره وشرائها.
    تخصيص زيارة كلّ شهر إلى المكتبة العامّة، الأمر الّذي يخلق جوًّا مشجِّعًا للطّفل من أجل المطالعة.
    مناقشة القصّة الّتي قرأها الطّفل، ما يساعده في التّعبير والتّحليل، والاستماع إلى رأيه النّقديّ عن القصّة: ما أحبَّه فيها، وما لم يقبله من أحداث… وغيرها.
    والأهمّ من ذلك، هو أن يكون من أبرز أهداف الكتاب أو القصّة التّسلية والمتعة، لا أن تكون كواجبٍ أو فرضٍ مدرسيّ. ما يشجّع الطّفل على حبّ المطالعة.
وختامًا أشدد على أهمية القراءة، لأنها  تفيد الطّفل في حياته، فهي توسّع دائرة خبراته و تفتح أمامه أبواب الثّقافة و تحقّق له التّسلية والمتعة، كما تكسبه حسًّا لغويًّا أفضل وتعطيه القدرة على حلّ المشكلات الّتي تواجهه.
حاورتها وفاء الحكيري الوسوم
نينا فارس أدب الطفل القصة الطفل والقراءة تربية تعليم دار أصالة للنشر

m2pack.biz