نيوتن أراد تحويل الرصاص إلى ذهب!
[caption align="aligncenter"]نيوتن أراد تحويل الرصاص إلى ذهب![/caption]الرجل: دبي من لا يعرف اسحاق نيوتن، عالم الرياضيات ومخترع التفاضل والتكامل، وأب الفيزياء الذي عاش في القرن السابع عشر؟ ولكن ما قد لا يعرفه كثيرون ان نيوتن كان بارعا في علم “الخيمياء” القروسطي، الذي سبق علم الكيمياء ايضًا، وكان ممارسو الخيمياء يعتقدون ان بالامكان تحويل معدن الى معدن آخر، وكان هدفهم النهائي تحويل الرصاص الى ذهب بمادة اسطورية هي “حجر الفلاسفة”، الذي يمكن استخدامه في تحضير اكسير الحياة. وقد اكتُشفت الآن مخطوطة كتبها نيوتن بيده تؤكد افتتانه بالخيمياء، التي تُعد الآن علمًا كاذبًا كان يمارسه روحانيون، وظلت المخطوطة محفوظة ضمن مجموعة خاصة طيلة عقود، قبل ان تبتاعها مؤسسة التراث الكيمياوي الاميركية، وفيها يكتب نيوتن بالتفصيل كيف يُصنع المكوّن الأساسي لحجر الفلاسفة. وتعتبر المخطوطة فريدة بين الوثائق المكتوبة بخط يد الفيزيائي الانكليزي المعروف بوضعه قوانين الجاذبية الكونية أكثر من اهتمامه بتحويل فلز رخيص مثل الرصاص الى ذهب. وقال خبير الكتب النادرة في مؤسسة التراث الكيمياوي جيمس: “إن نيوتن كان شديد الاهتمام بالخيمياء طيلة حياته تقريبًا، وان هذه الوثائق الخيميائية تضم نحو مليون كلمة كتبها بيده”. وامضى نيوتن عقودًا في الانشغال بالخيمياء، وبعد وفاته احتفظت عائلته بالكثير من مخطوطاته الى ان عُرضت للبيع في مزاد اقامته دار سوذبي عام 1939، وقد ابتاع مقتنون عشرات المخطوطات الخيمياية التي كتُب عليها “ليست صالحة للنشر” حين توفي نيوتن عام 1727، وقد آلت غالبية هذه المخطوطات الى جامعة كامبردج، باستثناء قلة مثل المخطوطة التي حصلت عليها مؤسسة التراث الكيمياوي الاميركية. ولم يظهر تعريف العنصر الكيمياوي كما نعرفه اليوم إلا بعد وفاة نيوتن، ولكن كثيرين كانوا يعتقدون في حياته ان العناصر تتكون من مركبات عديدة، بينها مبدأ زئبقي أو كبريتي، وان تغيير أحد هذه المبادئ يمكن ان يغير المعدن نفسه، بحسب المنطق الخيميائي. ولهذا السبب لم تكن الخيمياء جنونًا وقتذاك. وقال خبير الكتب النادرة فولكيل لصحيفة واشنطن بوست: “إن الأكثر جنونًا هي الفكرة القائلة بأن هناك حجر الفلاسفة الذي يتيح اجراء عملية تغيير المعدن الى ذهب تلقائيًا، فما عليك إلا التسخين وصهر قطعة من الرصاص ثم القاء حجر الفلاسفة في المصهور ليتحول تلقائيًا الى ذهب”. إلى ذلك، فإن المخطوطة المكتشفة بعنوان “تحضير الزئبق لحجر الفلاسفة” هي نسخة منقولة عن وصفة أعدها الخيميائي المشهور جورج ستاركي، الذي درس في جامعة هارفرد، وكان المفترض بهذا الزئبق الفلسفي ان يحلل المعدن الى مكوناته المختلفة. ويُرجح ان يكون نيوتن نقل الوصفة من مخطوطة أخرى قبل ان ينشرها ستاركي في عام 1678، الأمر الذي يؤكد قوة ارتباط نيوتن بدوائر الخيميائيين، وقد كتب نيوتن على ظهر المخطوطة، كما هي عادته، ملاحظات مختبرية لعملية خيميائية اخرى. وكان الخيميائيون يستخدمون في احيان كثيرة لغة مشفرة ورموزًا لإخفاء ما يفعلونه، وكانوا يعتقدون ان اشاعة مثل هذه المعرفة ينتقص من قيمتها، وترافق ذلك مع محاولة تغيير المعادن من الممنوعات في انكلترا حينذاك. ولكن نيوتن أبدى المثابرة نفسها التي كان يعمل بها في مجالاته الأخرى لدراسة الخيمياء وجمع مصادر هائلة تصنف هذه المصطلحات المشفرة الباطنية. وقال فولكيل “إن نيوتن كان خيميائيًا مثيرًا للاهتمام لأنه كان يمارس الخيمياء ممارسة منهجية وكان يعود الى كل مؤلف خيميائي واي مصطلح استخدمه في اي صحفة وحاول أن يجري تحليلًا قائمًا على البيانات”، وبكلمات اخرى، نيوتن كان يمارس هذا “السحر” وكأنه علم. في المقابل، ستُحفظ مخطوطة نيوتن في مكتبة مؤسسة التراث الكيمياوي، وستكون متاحة للباحثين الذين يريدون دراستها، وتُعطى نسخة الكترونية الى مشروع تنفذه جامعة انديانا باسم “خيمياء اسحاق نيوتن”. ومن المعروف أن نيوتن بدور هائل في الثورة العلمية وأسهم بقسط كبير في تأسيس علم الفيزياء الحديث، ولكن تطور علم الكيمياء ظل غائبًا عن التاريخ المعروف لتطور العلم الحديث في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وقال فولكيل انه “بخلاف الفيزياء، ليس هناك نصر واضح بحلول نهاية القرن السابع، وما تزال الكيمياء تشق طريقها بصعوبة”.
]]>