هذا العام تأخّرَ كُلَّ شيء

هذا العام …تأخرَّ كل شيء مثل كُلِّ السنين
التي مرَّت بِبساطة
بائع الورد
الذي كان تحتَ منزلكِ يوماً
لم يأتِ هو أيضاً
كي أشتري منه وردةً حمراء
لِأهديكِ إياها
في عيد الحب
هذا العام أيضاً
تأخر كُلَّ شيء
وحين جاء الحُبَّ
لم تكوني موجودة
أنتِ أيضاً
تأخرتِ !!
في هذا العام .
الشُبّاك الذي بقيَ مفتوحاً
في انتظارك اثنا عشر شهراً
تلطخّ بالدَّم الأحمر
وهو ينتظرُ الدَهّان
هذا العام أيضاً
تأخّرَ كُلَّ شيء
وحينَ جئتِ
أُغلِقَ الشُبّاك
بنسمةِ الهواء
ولم تَدخُلي …
هذا العام أيضاً
تأخرَ كُلَّ شيء
المطر الذي هطلَ عليَّ طويلاً
تحتَ شرفتكِ
تأخر هو أيضاً
وحين جاءَ اليوم
شعرت بالبرد كثيراً
وكذلك أصابعَ يَدَيَّ
لأنكِ تأخرتِ أيضاً
في هذا العام أيضاً
ولم تملأِ الفراغ بينها
كي أشعرَ بالدفء
رحلة الموت
التي انتظرتها
منذ سنوات ..
تأخرَتْ أيضاً
وكذلك
رسائلكِ
في البريد الإلكتروني
تأخرَتْ …
مثل كُلِّ الأشياء
التي سبقتها
في هذا العام
بين يومي الأحد والاثنين
وفارق التوقيت
بين الخامسة فجراً
والعاشرة صباحاً .
هذا العام أيضاً
بائعُ العطر
الذي كان يقف
تحتَ شباكك
ذاتَ يوم
تأخرَ هو أيضاً
ولم يأتِ
حتى أنتِ
وبقيت صورَكِ
بالأبيض والأسود
بين يدي التي تبردُ
في شتاءِ هذا العام
وهي تحنُّ لعرقِ كفيكِ
بين المدينة الجامعيّة
وبيتنا بحلب .
الحريّة التي تظاهرتُ من أجلها
تأخرَت !
التي سبقتها .
وبقيت ضيفاً
على الشوارع النظيفة
ألملمُ جثث الشهداء
مثل هذا الليل الطويل
والفنجان الفارغ من البُن
وعلبة السجائر الرخيصة
ولم تتأخر أمي
عن صلاتِها
سقط كُلَّ شيء
ماتَ كُلَّ شيء
مات الأمل وتأخرتَ النجدة
ولم يسمع أحداً
نداء هذا العام .
هذا العام
هو عام التأخير
الانتظار مميتٌ
وسيكونُ قاتلٌ
في العام الذي يليه .
وفي العام الذي يليه
أيضاً سيتأخرُ كُلَّ شيء
وربَّما أتأخرُ أنا
أتأخرُ أيضاً
عن الكِتابة
لكنكِ !
ستقرأين
أو الذي يليهِ
سأتأخرُ عن كُلِّ الأشياء
مثل الأوراق التي كتبت عليها
فكرةً خطرَت لي هذا الصباح
ومنعني موعدُ الأمسِ
من نشرها هذا العام أيضاً
تأخرَّ كُلَّ شيء
حتى أنتَ
يا أنا !
تأخرتْ
أيها المتأخرُ دوماً
في هذا العام الذي تأخَر
مثل كل ما كتبته
ولم يقرأهُ أحد
في هذا العام أيضاً
سقطَ كُلَّ شيء
وبقيتَ قبعتي
بين يديكِ
في المول الكبير
وأنتِ متأخرة عن قبضة يدي
هاتفي تأخَر في الاتصال بكِ
ومنذ زمنٍ لم أرَّ اسمكِ
في سجلِ المكالمات المفقودة
تأخرَ كُل شيء
سأبحثُ عن تابوتٍ خشبي
بين بيوتِ النحل
التابوت الذي وعدني بهِ
نجار العائلة ذاتَ يوم
تأخرَ في صنعهِ هو أيضاً
وكذلك الموت
تأخرَ أكثر
مثل كل الأشياء
ولم يأتِ هو أيضاً
في هذا العام
ولن أعدكِ
بأني لن أتأخر مجدداً
فمن بياض شعري
تدركينَ مواعيديَّ الفوضويّة
واعذريني لربعِ ساعةٍ
أمام الملعب البلدي
تأخرتُ بها عنكِ
ولم أأتِ
كما أنكِ تأخرتِ
مثلَ كُلِّ الأشياء
التي سبقَت
سأمزقُ مفكرة أحلامي
لأني سأموتُ
سأموتُ وقدري في نهاية
هذا العام
في نهاية هذا العام .
* شاعر , كاتب وصحفي سوري