لقد اعتبر المنطق حتى اليوم فنا للتعقل والبرهنة، إلا أن الحياة هي السير وليس البرهانهو المسير، وسوف نثبت في هذا الفصل والفصول الآتية أن ما عددناه آنفا من حدودودوائر للحياة والنفس خاضع لأنواع منطقية مختلفة، فلما رأينا أن العمل والحركة همامقياس المنطق الوحيد، فإننا نعتبر أن المنطق يختلف باختلاف ما يفضي إليه من نتائجمتباينة.
ففي أي أمر كان يجب على العالم النفسي ألا يبحث بحثا منفردا عن غايته المبتغاةوحدها، أو الوسائل التي اتخذت لنيلها، أو النجاح بها، أو الإخفاق فيها؛ إذ الذي يهمذلك العالم هو العوامل الموجدة لذلك الأمر، فإذا وجدت أعمال صالحة أو أثيمة فليسمنها ما هو غير منطقي، وإنما صدرت هذه الأعمال عن أنواع منطقية مختلفة لا يسد أحدها مسد الآخر. خذ المنطق العقلي مثلا تر أنه يختلف في تفسيره أو اكتناهه للأعمالالمذكورة عن المنطق الديني والمنطق العاطفي ومنطق الجموع.