هل يمكننا الاستغناء عن القادة؟
5من اصل5
فإن القيادات العليا في المؤسسات لا تزال في أيدي الرجال على نحو سائد، حتى إن نماذج القيادة لفترة ما بعد القيادة البطولية هي ببساطة نماذج أبطال.
أما من وجهة نظر البعض الآخر، فالموضوع لا يتعلق بـ “القيادة”، بقدر ما يتعلق بنوع “القيادة”، ولا سيما تلك الجوانب الخاصة بالقيادة والمتعلقة بتطوير القيادة الموزعة، التي تتولى فيها الجماعة نفسها القيادة. حاولت رالين أن تقارن بين الشركات ذات القيادة الموزعة أو الشركات القيادية والشركات التقليدية من خلال إشارتها إلى أنه داخل الشركات القيادية تعد القيادة متوازية وجماعية وليست متوالية وفردية؛ بمعنى أن الكثير من الناس يشاركون فيها، ولا تقتصر المشاركة على من يشغلون المناصب الرسمية. وهذه القيادة تعاونية ولا تقوم على السيطرة، وهي قيادة رحيمة وليست قاسية. وهذا يولد مجتمعًا وليسشركة فحسب. ووفقًا لجرون، فإن التداعيات الظاهرية للقيادة الموزعة ذات ثلاثة أوجه؛ أولًا: “العمل التآزري”- أو التآزر القيادي، بمعنى أن إجمالي القيادة الفردية أكبر من مجموع أجزائها، وثانيًا: حدود القيادة صار من السهل اختراقها، مما يشجع الكثير من أفراد المجتمع على المشاركة في قيادة شركاتهم، وثالثًا: هي تشجع على إعادة التفكير فيما يعتبر خبرة داخل المؤسسات وتزيد درجة المعرفة المتاحة للمجتمع. وخلاصة القول، لم تصرالقيادة ملكية للقائد الفردي الرسمي، ولكنها ملكية ناشئة للجماعة أو الشبكة أو المجتمع.
دون الرغبة في الدفاع عن “القيادة البطولية”، ثمة سؤال في هذا الصدد: إذا كان القادة البطوليون ظلوا معنا زمنًا طويلًا- وكانوا يتحملون مسئولية معظم الأحداث المأساوية التي حدثت للجنس البشري منذ بدء التاريخ- فلماذا توقفنا عند حد إدراك قابليتهم للوقوع في الخطأ؟ ولو أننا عرفنا قابليتهم للوقوع في الخطأ منذ أن نشئوا، فلماذا لم يطور بديل فعال، طويل المدى وواسع النطاق؟ بعبارة أخرى، هل يعد البديل الافتراضي للقيادة في عصرما بعد القيادة البطولية بديلًا قادرًا على البقاء؟ بالطبع، قد يبدو هذا تمثيلًا غربيٍّا إلى حد بعيد، ومن الواضح أن أفكار القيادة ومفاهيم القدسية غالبًا ما تختلف اختلافًا جذريٍّا باختلاف الثقافات،