وشوشة الكورنيش
هناء مكاوي، تصوير: عماد عبد الهادي
1من اصل2
شريان الإسكندرية الذي ينبض بالحياة منذ ما يقرب من مائة عام.. حالة خاصة وعالم فريد له مفرداته التي تغزل الذكريات وتصنع الحكايات، هو.. الكورنيش.
لا تذكر الإسكندرية دون أن يقفز كورنيشها إلى الذاكرة، فرؤية الكورنيش والمرور به وتنفس هواء بحره لا تماثله أية تجربة أخرى فهنا يحمل الهواء رائحة ومذاق الإسكندرية وهذا يعني كل الفرق.
هذا الشريط الذي يعبر عليه آلاف البشر كل يوم ولا يدرون أنهم يسيرون على نفس الدرب الذي سار عليه من قبلهم الفلاسفة والعلماء والشعراء القدماء والمعاصرون واستلهموا منه كتاباتهم وأفكارهم كما أثروه ببصماتهم وتأثيرهم الذي صنع تفرده. فهنا مر وجلس ووشوش البحر الإسكندر الأكبر، وكليوباترا، وإقليدس، وكفافيس، وسيد درويش، وبيرم التونسي، وأسامة أنور عكاشة.
تغزل هنا القصص وتصنع الذكريات، فكم من قصة بدأت وانتهت هنا، وكم من رسومات وأفلام وصور سجلت مشاهد ولحظات خلدها الكورنيش. فالجولة هنا بمثابة المرور بحالة مختلفة من المتعة تستمد طاقتها وتتجدد من مجموعة عناصر هي ما أعطت للكورنيش تفرده.
الرحلة بالحنطور على البحر في الهواء الطلق أو كوب شاي بالنعناع الأخضر وقت الغروب يحتسى على أحد المقاهي المتناثرة بطول الرصيف المواجه للبحر، هي متعة لا تضاهيها متعة أخرى سوى الانطلاق بدراجة في جولة حرة عند منطقة القلعة يتبعها الاستمتاع بالـ”جيلاتي” ذي المذاق الخاص مقدم في بسكويت رقيق ومقرمش. ولمن لا يريد احتساء الشاي وهو جالس بالشكل التقليدي، فبائعو الشاي المتجولون على الكورنيش بأكوابهم وأباريقهم الملونة والمزركشة سوف يكونون أفضل بديل.
وللاقتراب أكثر من البحر يمكنك أخذ جولة في قارب سكندري مميز، فالقوارب موجودة بألوان وأحجام مختلفة تتزين بالأعلام وتنتظر أن تقل كل من يريد قراطيس للترمس وحب العزيز.
في رحلة إلى قلب البحر ليشعر به عن قرب. ثم يأتي صوت المزمار المميز لبائع غزل البنات ليجذب إليه الكبير قبل الصغير وهو يحمل كتلة من الأكياس المليئة بالحلوى التي تتطاير في خفة بلونيها الوردي والأبيض في تشكيل مبهج يبعث على الفرحة.