هوارد كارتر
مفتش آثار بريطاني اكتسب شهرته من اكتشافه لمقبرة توت عنخ آمون كاملة وبالرغم من أن ذلك تم بالمصادفة ، لكنه سجل تحولاً في التعرف إلى الآثار المصرية دولياً وأصبحت لمدة قرن مادة السياحة والسينما و الفنون . ولد ” هوارد كارتر ” في بلدة قرب لندن عام 1874 وكان والده فناناً يرسم وجوه الحيوانات الأليفة في المزارع فتعلم هوارد مبادئ وأصول الرسم وأبدى اهتماماً غير عادي بالمصريات وكان عمره 17 سنة حين أبحر إلى الإسكندرية في مصر في أول رحلة له إلى الخارج وعمل هناك مع قصاص أثر في الصحراء كان يعمل لشركات التنقيب عن الآثار المصرية .
كان ” هوارد ” يرسم كل ما تقع عليه عينه وبرع في نقل الرسومات الجدارية للمعابد والأمراء في مصر الوسطى . قيل عنه إنه كان يبيت ليلاً مع الخفافيش في المقابر الفرعونية . لم يتوقع له أي نجاح حين عمل مع ” ويليام فليندر بيتري ” ، وكان أحد أفضل الأثريين في ذلك الوقت ، لكنه فاجأه بتقديمه اكتشافات مهمة في تل العمارنة ، وتألق أكثر حين عمل مع الأثري الفرنسي ” ماسبيرو ” . وأثبت فيما بعد جدارة غير عادية حين عمل تحت إشراف ” إدوارد نافيل ” بنقله صور الملكة ( حتشبسوت ) التي تعتبر من أفضل الرسومات المنقولة على الإطلاق .
أصبح ” كارتر ” مديراً ( لفرع الأثريات المصرية ) وكان ( أول مفتش عام للموميات في مصر العليا ) وضم إليها ( الأقصر ) فيما بعد . عين مشرفاً على آثار منطقة ( وادي النيل القبلي ) وكان أول من استخدم ( الإنارة الكهربائية ) في وادي الملوك وفي معبد ( أبو سمبل ) . أجبر على الاستقالة عام 1905 بسبب حادث شهير وقع آنذاك بين بعض السائحين الفرنسيين السكارى ، وبين الحراس المصريين حيث سمح ” كارتر ” لهم بالدفاع عن أنفسهم فاشتكى السائحون للقنصل العام البريطاني ” لورد كرومر ” الذي طلب اعتذاراً رسمياً من ” كارتر ” لكنه رفض فنقل إلى طنطا . اعتزل منصبه الرسمي وقرر العمل بمفرده . أمضى ” كارتر ” أربع سنوات في الرسومات المائية التي كان ينقلها عن الجداريات الفرعونية وبدأ يتاجر بالآثار وبالرسومات ، وكانت الآثار المصرية آنذاك مباحة لكل من يعثر عليها . وبذلك استطاع تمويل اكتشافاته التي بدأها فيما بعد .
كانت نقطة التحول في حياة ” هوارد كارتر ” حين أصبح ” لورد كارنارفون ” هو المشرف على البعثة الأثرية البريطانية ، وكان يمتلك إحدى أهم وأغلى المقتنيات الأثرية المصرية القديمة بعد اكتشافه 6 مقابر في وادي الملوك . وبتأثير منه وجد ” كارتر ” نفسه مهتماً بشكل خاص بالبحث عن مقبرة ” توت عنخ آمون ” التي كانت مجهولة المكان تماماً . أمضى كارتر سنوات في التنقيب دون جدوى مما أصاب ” لورد كارنارفون ” باليأس وقرر استبداله وهو ما دفع كارتر إلى العمل بجنون وفي نوفمبر من عام 1922 ظل يحفر 3 أيام متواصلة دون نوم ، عبثاً .
وبينما كان يستعد للاستسلام في يوم 24 نوفمبر وجد نفسه فجأة أمام أجمل اكتشاف أثري في التاريخ فقد كان مدخل المقبرة مختفياً تماماً وراء أكوام الصخور التي كان العمال يلقون بها هناك وهم يحفرون مقبرة ضخمة لرمسيس السادس وهو ما حال دون سرقتها أيضاً . اعتزل كارتر بعدها وجمع مقتنياته الأثرية بنفسه وعاد إلى إنجلترا عام 1939 وتوفي في مارس من نفس العام .
الطريف أن الحديث عن ( لعنة الفراعنة ) شاع كثيراً بعد اكتشاف المقبرة فقد شوهد صقر كبير غريب يحوم حولها يوم الافتتاح ، وتوفي ” كارنارفون ” في نفس اليوم بلدغة بعوضة ، وانقطع التيار الكهربائي عن القاهرة ، وحصد الموت أو الجنون كل من عمل فيها وبينهم سكرتير كارتر وقيل أنه أثناء تشييع جنازته هاج الحصان الذي كان يجر عربة التابوت فتقل طفلاً .