4من اصل4
صعودا وهبوطا من قاعة الاستقبال إلى السطح، من الأرض إلى السماء.
قاعة الاستقبال يغمرها الضوء من نوافذ عديدة لعضها مفتوح وبعضها يغطيه الشيش الذي يسمح بالتحكم في مسار الضوء وشيوع الطاقة في الأركان|. تحت قوس السلم العالي مكتب وركن للقراءة ومقعد هزاز. هكذا نجد دائما في غمرة السكون وعدًا بالحركة، وفي قلب الضوء مساحة للظل، وفي مقابل كل خط جاد خطوط دائرية تتقاطع معه وتستأنسه.
الأرضية الخشبية توحد بين أركان القاعة وتربط بين قطع الأثاث ذات الطراز والأساليب المتباينة. الأثاث لا يفاجئ الزائر بفخامة تدعو للتوجس أو التوتر، فألوانه تغلب عليها ألوان الأرض الدافئة وملمس الأخشاب الطبيعية بدرجاتها المختلفة وتموجاتها المثيرة وتتمازج مع ألوان الجدران دون ضجيج، سيرة حياة صاحب البيت تتبدى من خلال الأثاث واللوحات والمقتنيات الفنية التي جمعها من أسفاره مثلها مثل ألوان البيت الهادئة حياة تبعث على الثقة والأمل وتبدو بلا أوهام.
يرى الزائر على مائدة صغيرة غير بعيد عن الباب الرئيسي جوائز التصوير المحلية والدولية التي حصل عليها طارق في مشوار حياته الفنية الممتدة من السبعينيات وحتى اليوم. ويلاحظ بعد حين صورة فوتوغرافية له خلف المكتب، وكأنها تعلن أن صاحب المكان حتى وإن غاب عن المكتب فهو حاضر بين الكتب وفي حضن الأفكار
يغمر البيت حضور قوى لحسن التلمساني عبر معمار المنزل واللوحات المائية والزيتية على الجدران، ولكن ما يبهر حقا في تلك القاعة هو حضور حسن التلمساني الطاغي ليس فقط من خلال روح المعمار وإنما أيضًا على الجدران، من خلال لوحاته المائية التي رسمها في بيت نوى في الثمانينيات، ومن خلال حضوره السيريالي في لوحة زيتية رائعة تعود لفترة الخمسينيات وتصور طارق في طفولته. هذا الحضور القوى للأب الفنان والمعلم يجعل من القاعة معرضا استثنائيا لحياته الفنية، وفي الوقت نفسه تمتد وتتماهى حياة حسن وأعماله مع حياة طارق ورؤاه وأحلامه وميله للعزلة والتأمل.