2من اصل3
ونجرؤ على القول إن صمت الحكومة هو المسئول الوحيد عن هذا الوضع” (4 فينتوز، العام الثامن). “الجوع لا يعرف التأجيل”، بهذه العبارة المقتضبة والمصاغة بأسلوب بليغ لخص بيزو – نائب تارن في مجلس القدماء– الوضع القائم (16 مسيدور، العام السابع). اختتم المسئولون الإداريون في مقاطعة شير خطابهم الذي أرسلوه بتاريخ 28 بريريال من العام السادس إلى “المواطن الوزير” على النحو التالي: “إن دور الإيواء التابعة لهذا المركز الإداري، والتي نكتب إليكم بشأنها ليست هي المؤسسات الوحيدة التي تعاني من الفاقة ونقص الموارد بشكل يدعو للقلق. ففي مستودعات التسول وأيضًا في الدور التي تحتجز أولئك المساكين المصابين بالهياج والجنون، والذين يصل المبلغ الإجمالي لنفقتهم الشهرية إلى 2200 فرنك، الخبز على وشك النفاد. ولا يمكن أن تنظر الحكومة بعين التجاهل واللامبالاة إلى تلك الكائنات التي ستشكل خطرًا بالغا إذا ما أطلقت في المجتمع، والأمر يتطلب من جانبكم اتخاذ تدابير سريعة للوفاء باحتياجات هؤلاء الأشخاص واتقاء التجاوزات الحتمية والمشاهد المؤلمة التي قد نشهدها من جراء ذلك”. وهكذا، لم يعد بالتأكيد إضفاء الطابع الطبي على الجنون موضع اهتمام وعناية.
كان وضع المختلين عقليًا في مستودعات التسول دراميًا بالفعل. في بوليو، بلغت نسبة الوفيات بين المختلين عقليًا 57 %، مقابل 13 % بين المسجونين. في أغسطس 1800، كان المستودع يضم 41 مجنونًا ومجنونة، من بين إجمالي عدد النزلاء البالغ نحو 350 سجينا. يذكر أن أحد عشر شخصًا كانوا موجودين هناك قبل عام 1790. كانت الاعتقالات وعمليات الاحتجاز في هذا المستودع لا تزال إذن مستمرة، مع وجود نسبة 12% من المحتجزين قادمة من السجون. وقد جعلت الضائقة المالية الفصل بين المختلين عقليًا والفئات الأخرى من السجناء أصعب من أي وقت مضى (بالإضافة إلى أن المختلين عقليًا أنفسهم– فيما يعد انحدارًا رهيبا بالمقارنة مع النظام القديم– كان ينظر إليهم باعتبارهم سجناء بحكم الأمر الواقع.) لم يكن من المستغرب، في ظل هذه الظروف، أن يصبح الجنون مزمنا،