وظائف حكومة الظلّ
تُمارس المُعارضة في إطار العمليّة السياسيّة الديمقراطيّة وفي النّظم الديمقراطيّة الليبراليّة وظائف مُهمّة لا غنى عنها من أجل الحفاظ على التّوازن الداخلي لهذه النُّظم، والحيلولة دون تحوّل الحكم عن المبادئ الديمقراطيّة، والجنوح نحو الاستبداد، ومن هذه الوظائف ما يأتي:[4]
مُعارضة الحكومة الموجودة في الحكم وتدارك أخطائها، وليس التّساؤل حول شرعيّة الحاكم في الحكم، وبالتّالي تعمل على توجيه النّقد لرأس السّلطة أو للحكومة الحاليّة، وتُوفّر منظوراً مُختلفاً للسّياسات التي تُنفّذها الحكومة الفعليّة.[3]
مُتابعة سياسة الحكومة وانتقادها والتّعبير عن رأي الحزب المُعارض في مُختلف المجالات. يقوم زعيم الحزب المعارض باختيار أعضاء حكومة الظلّ، وكثيراً ما يحتفظ هؤلاء بحقائبهم عند استلام المُعارضة زمام الحكم على أثر انتخابات نيابيّة جديدة ولهذا، فإن وجود هذه المُؤسّسة يُقوّي من مكانة زعيم الحزب داخل صفوف حزبه.[1]
التّفاعل مع القرارات الحكوميّة وطرح مُقترحات مُقابلة، بهذا الشّكل تقوم بمَهمّة رمزيّة مُزدوجة المفعول، فتحمل المُعارضة مسؤوليّة ما وتُقرّ بدورها المؤسّساتي. [2]
كشف أفضل الحلول: حيث إنّ الحكومة لا تتمتّع بسلطاتها الواسعة إلا لتحقيق خير الجماعة وحلّ مشاكلها، وحل المشاكل العامّة ليس بالأمر الهيّن، فعادة ما يكون للمشكلة الواحدة حلول مُتعدّدة لكلّ منها مزايا وعيوب، وهنا يأتي دور حكومة الظلّ، فيقع على عاتقها المُعارضة الجادّة، وتعمل على كشف عيوب الحلّ الذي تقترحه أو تُقرّره الحكومة، وتُبيّن الحل البديل الذي تراه أكثر تحقيقاً للنّفع العام.
إشراك المُعارضين في الحكم: تعترف كافّة الدّساتير بحقّ المواطنين جميعاً في الاشتراك في حكم بلدهم، فيختلف موقف المواطنين من الحكومة القائمة بين مُؤيّدين ومعارضين؛ أمّا المُؤيّدين فلا قيود عليها ولا حرج في إظهار تأييدهم للحكومة، أمّا المُعارضون فغالباً ما تكون حكومات الظلّ هي خير مُعبّر عنهم.
مُقاومة النّزعات الدكتاتوريّة: إنّ أغلب النّاس إذا تولّى سعى في الأرض ظُلماً وفساداً، وقد أدرك النّاس بالتّجربة أنّ تعدّد السّلطات يُمكن أن يحول دون وقوع جور من الحُكّام على المحكومين أو على الأقل يُخفّف من وطاته، وهذه هي الحكمة التي دفعت إلى إقرار مبدأ الفصل بين السّلطات، وقد كان تطبيقه في أول الأمر يهدف إلى الفصل بين السّلطة التشريعيّة مُمثَّلة في الشّعب، والسّلطة التنفيذيّة مُمثَّله في الملك، وكان الهدف منه الحد من سُلطة الملك ورقابته في استخدام السّلطة، غير أنّ التطوّر الحديث في الدّول البرلمانيّة قد أدّى إلى تعديل مبدأ الفصل بين السّلطات بأن استبدل الأحزاب السياسيّة بالسّلطات العامّة التي يوقف بعضها الآخر، وأصبح الفصل بين حزب الأغلبيّة الذي يتولّى الحكومة، وحزب الأقليّة الذي يتولّى المُعارضة، وغدت القوّتان اللّتان تُوقِف إحداهما الأخرى هما الحكومة وحكومة الظلّ التى تُمثّل المعارضة.