وظيفة الوعي
2من اصل3
بعبارة أخرى، إن الوعي شيء إضافي اختياري، وربما كنا جميعا من الزومبي. لماذا لا يكون هذا صحيحا؟ فبإمكان كل منا أن يتخيل عالما يبدو فيه الناس متماثلين ويتصرفون على نحو مماثل، لكن دون وجود وعي بداخلهم. إن تلك الفكرة البديهية قد دعمت كل أشكال التجارب الفكرية التي تتضمن توائم زومبي، أو حتى كوكب أرض مأهولا بأفراد من الزومبي بالكامل. لكن ثمة مشكلة مهمة هنا.
تخيل أن تتم إعادة لعملية التطور بحيث يكون بعض أسلافنا من الزومبي، والبعض الآخر واعين، وهم الذين يمكن أن نسميهم الكائنات الواعية. إن عملية الانتقاء الطبيعي الآن تعمل على هذا المزيج من الزومبي والكائنات الواعية، فماذا سيحدث؟ لن يحدث أي شيء على الإطلاق؛ لأن الزومبي بالأساس لا يمكن تفريقهم عن الكائنات الواعية؛ فهما يتشابهان في الشكل والفعل والقول، وهذا يعني أن عملية الانتقاء الطبيعي لن تجد شيئا مختلفا تعمل على أساسه؛ فأي زيادة أو نقص في أعداد الزومبي عن الكائنات الواعية سيكون عشوائيا بالكامل. وهذا الاستنتاج المثير سينقض فكرة أن الوعي خيار إضافي، أو منتج ثانوي لا جدوى منه، أو ظاهرة ثانوية؛ فمن الأفضل التخلي تماما عن فكرة الزومبي والمضي قدما نحو فهم أفضل للوعي.
يتركنا هذا مع احتمالين آخرين: إما أن الوعي في حد ذاته شكل من أشكال التكيف، وإما أنه يأتي بالضرورة في سياق أشكال تكيف أخرى، أو أنه جانب منها.
إذا كان الوعي شكلا من أشكال التكيف، فمن المنطقي أن نقول إننا ربما تطورنا من دونه، لكن في تلك الحالة لو لم نكن زومبيا من الفلاسفة؛ لكنا أكثر شبها بالزومبي الهايتي في أفلام هوليوود، وهي كائنات ينقصها شيء مهم ولا توجد لديها قدرة أساسية.
فعملية التطور حينها كانت ستفضل الكائنات الواعية. وإذا وافقنا على تلك الرؤية، فسيكون علينا تحديد ما يضيفه امتلاك الوعي، وسنتذكر المشكلات التي صادفناها فيما يتعلق بالمفهوم الذي يرى أن الوعي يمكن أن يفعل شيئا بالفعل. بداية،